والثاني: يحتمل أن يكون مدحًا وثناء لقوم بأنهم يتفقدون بالليل قاصديهم ولا ينامون عما ينزل بهم، وأن الناس في إسراعهم إلى أبوابهم قصدًا لالتماس معروفهم بمنزلة القنافذ.

والوجه الأول أقرب؛ لأن بعضهم ذكر أن الفرزدق يهجو بهذا البيت جريرًا وأن المراد بقوله: عطية هو أبو جرير، ومعناه أن أبا جرير هو الذي عودهم ذلك، ونظيره قول الأخطل (?):

أمَّا كُلَيبُ بنُ يربوع فليس لَهُمْ ... عند التَّفَارُط إيرادٌ ولا صدَرُ

مُخلَّفونَ وَيقضِي الناسُ أمْرَهُم ... وهم بغيبٍ وفي عَميَاءَ ما شَعروا

مثل القنافذ هدَّاجُونَ قد بَلَغَتْ ... نجران أَوْ بُلّغتْ سوءاتِهم هجَرُ (?)

والبيت المذكور من الطويل.

و"القنافذ": جمع قنفذ -بضم القاف وسكون النون وضم الفاء وفتحها وفي آخره ذال معجمة، والأنثى قنفذة، قوله: "هداجون": جمع هداج -بفتح الهاء وتشديد الدال المهملة وفي آخره جيم؛ وهو الذي يمشي بنوع [مخصوص] (?) من المشي، قال الجوهري: هدج الظليم إذا مشي في ارتعاش (?) فهو هداج وهدَجدَج، والهدجان: مشية الشيخ، وقد هدج يَهْدِجُ من باب: ضرب يضرب (?)، قوله: "عطية": اسم رجل وهو أبو جرير على ما ذكرناه (?).

الإعراب:

قوله: "قنافذ": مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هم قنافذ، وهو استعارة بالكناية؛ حيث شبههم بالقنافذ وطوى ذكر المشبه به (?).

قوله: "هداجون": صفة قنافذ، قوله: "حول بيوتهم": كلام إضافي نصب (?) على الظرف، قوله: "بما كان": الباء فيه للسببية؛ أي: بسبب ما كان عطية عودهم، والضمير المنصوب في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015