وفي الأول من هذين البيتين شاهدان -أَيضًا - على ذلك، وأنشد ابن الناظم -أَيضًا - في هذا الباب (?):
جَانِيكَ مَنْ يَجْنِي عَلَيكَ وقد ... يُعْدِي الصحاحَ مباركُ الجُرْبِ
"جانيك": خبر، و"من": مبتدأ، ومعناه: الذي تعود جنايته عليك من العاقلة هو الذي يكسبك، و"الصحاح": مفعول، و"مبارك": تمييز عن الفاعل، و"الجرب": فاعل يعدي.
والمعنى: قد تعدي الإبل الجرب الإبل الصحاح التي صحت مباركها (?)، وزعموا أن من خفض الجرب مخطئ، وزعم بعضهم أن ذلك رواية, وهذا عندي جيد، ويكون الشَّاعر أقوى كما أقوى في بيت آخر في القصيدة، والمعنى على ذلك حسن، والبيت لذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم، وهو أول من أطال الشعر بعد مهلهل وقبله:
يَا كعبُ إنَّ أَخَاكَ مُنْحَمقٌ ... فاشْدُدْ إِزَارَ أخيكَ يَا كعبُ
وبعده:
وَالحرْبُ قَدْ يَضْطَرُّ جَالِبُهَا ... نحو المضِيقِ ودونَهُ الرَّحْبُ
وَلَرُبَّ مَأْخُوذٍ بذَنْبِ عَشِيرَةٍ ... ونَجَي المقَارفُ صَاحِبُ الذَّنْبِ (?)
فَيَا رَبِّ هَلْ إلا بِكَ النَّصْرُ يُرْتَجَى ... عَلَيهِم وَهَلْ إلا عَلَيكَ المعُوَّلُ
أقول: قائله هو الكميت بن زيد بن خنيس بن مجالد بن وهيب بن عمرو بن سبيع بن مالك بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار، شاعر مقدم، وعالم بلغات العرب، وخبير بأيامها، من شعراء مضر والمتعصبين على القحطانية، وكان