عيش من قطنا": جواب الشرط؛ فلذلك دخَلَتْ عليها الفاء، قوله: "فعجيب": خبر مقدم. وقوله: "عيش من قطنا": كلام إضافي مبتدأ مؤخر، وقوله: "عيش": مضاف إلى قوله: "من قطنا"، ومن: موصولة بمعنى الذي، "وقطا": صلته، والألف فيه للإطلاق، وليست للتثنية.
فإنَّ قلتَ: لمَ لا تجعل "فعجيب" مبتدأ؛ لأن وقوع النكرة بعد فاء الجزاء مسوغ للابتداء نحو: "إن مضى عير فعير في الرباط"؟.
قلتُ: لفساد المعنى على هذا التقدير؛ لأن المعنى على الإخبار عن عيش من أقام بعد أولئك بأنه عيش عجيب لا العكس، فافهم.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "أقاطن قوم سلمى؟ " حيث سد الفاعل وهو قوله: "قوم سلمى" مسد الخبر، وهذا لا يحسن استعماله إلا إذا اعتمد على ما يقربه من الفعل وهو الاستفهام أو النفي، والبيت المذكور فيه الاستفهام، وأما مثال النفي فعن قريب يأتي (?) [إن شاء الله تعالى] (?).
غَيرُ مَأْسُوفٍ عَلَى زَمَنٍ ... يَنْقَضِي بالْهَمِّ وَالحَزَنِ
أقول: قائله هو أبو نُوَاس الحكمي، واسمه الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الشاعر المشهور، وكان جده مولى الجراح بن عبد الله الحكمي، وَالي خُرَسَان، ونسبته إليه، وهو نسبه إلى الحكم بن سعد العشيرة؛ قبيلة كبيرة باليمن منها الجراح المذكور، ولد أبو نُوَاس بالبصرة ونشأ بها ثم خرج إلى الكوفة مع والبة بن الحباب، ثم صار إلى بغداد، وهو في الطبقة الأولى من المولدين، وهو مجيد في شعره على أنواعه، ولد سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل: في سنة ست وثلاثين ومائة، وتوفي سنة خمس أو ست أو ثمان وتسعين ومائة ببغداد، وقيل له: أبو نواس لذؤابتين كانتا له تنوسان على عاتقيه، وبعد البيت المذكور بيت آخر وهو:
إنما يَرْجُو الحياة فَتى ... عَاشَ في أَمْنٍ من المحن