مصنوع، قلت: قائله رجل من الأعراب، وله حكاية نذكرها الآن -إن شاء الله تعالى- وصدره:
فَعَوَّضَنِي عَنْهَا غِنَايَ وَلَمْ تَكُنْ ... ..........................
وهو من قصيدة ميمية من الطويل، وأولها هو قوله (?):
1 - توسمتُهُ لمَّا رَأَيْتُ مَهَابَةً ... عَلَيهِ وقلْتُ المرْءُ مِنْ آل هاشِمِ
2 - وإلَّا فَمِنْ آلِ المُرَارِ فإنهمْ ... ملوكٌ عِظَامٌ من كرامٍ أَعَاظِمِ
3 - فقُمْتُ إِلَى عنزِ بقيَّةِ أَعْنُزٍ ... لأذبحَهَا فعل امرِئ غيرِ نادمِ
4 - فَعَوَّضَنِي عَنْهَا غِنَايَ وَلَمْ تَكُنْ ... تساويّ عَنْزِي غيرَ خَمْسِ دراهِمِ
5 - فقلتُ لأهلِي في الخَلاءِ وَصِبْيَتِي ... أَحَقًّا أرى أم تلكَ أحلامُ نائمِ
6 - فقالوا جَمِيعًا لا بل الحقُّ هذه ... تخب بها الرُّكْبَانُ وسْطَ المواسِمِ
7 - بخمسِ مئينَ من دنانيرَ عُوِّضَتْ ... من العنزِ ما جادتْ به كفُّ حاتمِ
وحكايته أنه خرج عبد اللَّه بن العباس - رضي الله تعالى عنهما - مرة يريد معاوية بن أبي سفيان - رضي الله تعالى عنهما - فأصابته سماء، فنظر إلى نويرة عن يمينه، فقال لغلامه: مل بنا إليها، فلما أتياها إذا شيخ ذو هيئة رثَّةٍ، فقال له الشيخ: انِخْ انزل حُيِّيتَ، ودخل إلى منزله فقال لامرأته: هيِّئِي لي شاتك أقضي بها ذمام هذا الرجل؛ فقد توسمت فيه الخير؛ فإن يكن من مضر فهو من بني عبد المطلب، وإن يكن من اليمن فهو من بني آكل المرار، فقالت له: قد عرفت حال صبيتي، وإن معيشتهم منها، فأخاف الموت عليهم إن فقدوها، فقال: موتهم أحبّ إليّ من اللؤم، ثم قبض على الشاة وأخذ الشفرة، وأنشد (?):
1 - قَرِينَتِي لا تُوقِظُنِي بَنِيَّهْ ... إِنْ يُوقَظُوا يَنْتَحِبُوا علَيَّهْ
2 - وَيَنْزَعُوا الشَّفْرَةَ مِنْ يَدَيَّهْ ... أَبْغَضُ هذا أن يُرَى لَدَيَّهْ
ثم ذبحها وقشط جلدها وقطعها أرباعًا وقذفها في القدر حتى إذا استوى أثرد في جفنته (?) فعشاهم ثم غداهم، فلما أراد عبد الله الرحيل، قال لغلامه: ارم للشيخ ما معك من نفقة، فقال: ذبح لك الشاة فكافأته بمثل عشرة أمثالها وهو لا يعرفك، فقال: ويحك! إن هذا لم يكن يملك من الدنيا غير هذه الشاة فجادَ لنا بها، وإن كان لا يعرفني فأنا أعرف نفسي، ارم بها إليه، فرماها إليه