"لما رأيت شدة اهتمام محصلي النحو في الدارك وغاية ألفتهم بكتاب ألفية ابن مالك (?)؛ لكونه موصلًا إلى مقاصدهم بأوضح المسالك، غير مستغنين عن شرحه المنسوب إلى ابن الناظم (?)، وشرحه الذي ألفه ابن أم قاسم (?)، وشرحه الذي رتبه ابن هشام (?)، وشرحه الذي أملاه ابن عقيل (?)؛ أردت أن أستخرج الأبيات الذي ذُكِرَتْ فيها على سبيل الاستشهاد في الأبواب، وأُبَيِّنَ ما فيها من اللغات والمعاني والإعراب، وأزيل ما فيها من المبهمات التي تتصحف على الطلاب، وأكشف الألفاظ التي تشتبه عليهم في هذا الباب، متعرضًا إلى بيان ما فيها من الأبحُر والأوزان، وإلى ذكر بقية كل بيت بحسب الطاقة والإمكان، وإلى إيضاح قائله عند الظفر والوجدان.
وذلك لأني رأيت الشراح قد أهملوا هذه الأمور، واكتفوا بذكو ما فيها من الشاهد المشهور، بحيث قد آل بعضها إلى حالة قد استحق بها الهجران، وصار بعضها في بعض الأذهان كالسُّها والدَّبُران (?)، فهذا هو الذي نَدَبَنِي إلى هذا الترتيب الغريب والجمع الموشح بكل عجيب، مع ما سألني في ذلك مَن لا تسعني مخالفته، ولا توافقني مرادفته، واعتصمت في ذلك بربي الكريم، إنه الميسر لكل صعب عظيم".
والحديث عن هذا الكتاب سيأتي في طول الفصول القادمة التي تختتم بالفصل الثامن عن مخطوطاته ومطبوعاته.