قفَا نَبكِ من ذِكْرَى حَبِيب وَمَنْزلٍ ... .................................

فإن (قفا) صيغة تثنية يخاطب بها الواحد، وكذلك ها هنا (دعاني) صيغة تثنية يخاطب بها الواحد وهو صاحبه وخليله، [وأصله] (?) من يدع دع أي اترك، وهذا فعل قد أمات العرب استعمال ماضيه، فلا يقال: ودع، وهذا قول الجمهور من أهل الأدب (?).

ولكن قد جاء استعماله في القرآن على قراءة من قرأ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضحى: 3] بالتخفيف (?)، وروى بعضهم ذراني موضع دعاني ومعناهما واحد، وهو أيضًا أمر من يذر معناه يترك، ويجوز أن يراد به التأكيد؛ لأنهم يخاطبون الواحد بصيغة التثنية للتأكيد ومعناه: [دعني دعني، ومن ذلك قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: 24] ومعناه] (?) ألق ألق (?).

قوله: "من نجد" النجدُ اسم للبلاد التي أعلاها تِهامَة واليمنُ، وأسفلُها العراقُ والشامُ، وأولها من ناحية الحجاز ذاتُ عرق إلى ناحية العراق.

قوله: "فإنّ سَنِينَهُ" جمع سنة، وفيها معنيان:

الأول: يراد به الأعوام مطلقًا.

والثاني: يراد به الأعوام المجدِبَة، يقال: أرض بني فلان سنة إذا كانت مجدبة، وأصل سنة سنوة، والمحذوف منها واو، ويقال: المحذوف منها الهاءُ، وأصلها: سنهة مثل: جبهة؛ لأنها من سنهْت النخلةُ إذا أتت عليها السنون، ونخلةٌ سنهاء إذا حملت سنة وتركت سنة وفي التصغير تقول: على الأول: سنية أصلها سنيوة، قلبت الواو ياء، وأدغمت الباء في الياء فصار سُنَيّة، وعلى الثَّاني: سُنَيهة، وإذا جمعتها بالواو والنون تقول: سنون بكسر السِّين، وبعضهم يقول: سنون بضم السِّين (?)، وأمَّا الكلام في حركة النون فيجئ عن قريب إن شاء الله تعالى-.

قوله: "شِيبًا" بكسر الشين؛ جمع أشيب وهو المبيضُّ الرأس، وقد شاب رأسُه شيبًا وشيبةً فهو أشيب على غير قياس؛ لأنَّ هذا النعت إنَّما يكون من باب فَعِل تفعَل مثل: عَلِم يعلَمُ، والشيب بفتح الشين المعجمة هو المشيب وقال الأصمعي: الشيب بياض الشعر والمشيب: دخول الرجل في حد الشيب (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015