قلتُ: نظر ابن السكيت إلى لزوم الفساد في الذهاب إلى هذا؛ وذلك لأنَّ ذكر المُرد بعد ذلك لا يحسن؛ لأنَّ الذي لم ينبت شاربه أمرد، ومن هنا قيل: إن في هذا الشعر عيبًا؛ لأنَّ الذي ما طر شاربه لا يضاد المرد، والعانسون لا يضاد الشيب، وإذا لم تكن الأقسام متقابلة كانت القسمة باطلة، وقوله: "شاربه" فاعل طر، و "العانسون" عطف عليه، قوله: "ومنا المرد" جمله اسمية من المبتدأ وهو المرد، وخبره وهو قوله: "منا"، والشيب عطف على قوله: "المرد"، والتقدير: ومنا الشيب.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "والعانسون" فإن الكوفيين جوزوا جمع الصفة بالواو والنون مع كونها غير قابلة للتَّاء محتجين بهذا. وعند الجمهور فيه شذوذان:

الأول: إطلاق العانس على المذكر، وإنَّما الأشهر استعماله في المؤنث.

والثاني: جمعه بالواو والنون (?).

الشاهد الثامن والعشرون (?)، (?)

دَعَانِي منْ نَجْدٍ فَإن سِنِينَهُ ... لَعِبْنَ بِنَا شِيبًا وَشَيَّبنَنَا مُرْدَا

أقول: قائله هو الصِّمة بن عبد الله بن الطفيل بن قرة بن هبيرة بن عامر بن سلمة الخير ابن قشير بن كعب بن ركعة بن عامر، شاعر إسلامي بدوي مقل، من شعراء الدولة الأموية، ولجده قرة بن هبيرة صحبة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أحد وفود العرب عليه، وكان الصمة يَهْوَى بِنْتَ عَمٍّ له دنية أوثر عليه في تزويجها غيره؛ لأنَّ عَمَّهُ لَؤُمَ في المهر واشتط فيه، ولؤم أبوه في إكماله، فأنف الصمة من فعلهما وخرج إلى طبرستان، وهي مقر الدولة فأقام بها حتَّى مات، وخبره مشهور، والبيت، المذكور من قصيدة أولها هو قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015