ولوْ تَلْتَقِي أصْدَاؤُنَا بعْدَ موْتِنَا ... ومِنْ دُونِ رَمْسَينَا مِنَ الأرْضِ سَنسَبُ
لظلَّ صدَى صوْتِي وإنْ كنتُ رِمَّةً ... لِصَوْتِ صَدَى ليلَى يَهَشُّ ويطْرَبُ
أقول: قائلهما هو قيس بن الملوح المجنون، وهما من الطويل.
1 - قوله: "أصداؤنا": جمع صدى، وهو الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها، ويقال: صم صداه وأصم الله صداه، أي: أهلكه؛ لأن الرجل إذا مات لم يسمع الصدى منه شيئًا فيجيبه، ويروى:
ولَوْ تَلْتَقِي في المَوتِ رُوحِي وروحُهَا ... ومِنْ بَينِ رَمْسَينَا مِنَ الأرْضِ مَنكِبُ
قوله: "رمسينا": تثنية رمس، وهو تراب القبر، وهو في الأصل مصدر، والمرمس: موضع القبر، قوله: "سبسب" بسينين مهملتين مفتوحتين وباءين موحدتين أولاهما ساكنة، وهي المفازة.
2 - قوله: "رمة" بكسر الراء وتشديد الميم؛ العظام البالية، والجمع رمم ورمام، تقول منه: رمّ العظم يرم بالكسر رمة، أي: بلي فهو رميم، قوله: "يهش": من الهشاشة وهي الارتياح والخفة للمعروف، وقد هششت لفلان بالكسر أهش هشاشة إذا ارتحت له.
الإعراب:
قوله: "ولو" الواو للعطف إن تقدمه شيء، ولو للشرط، وقوله: "تلتقي": فعل، و"أصداؤنا" كلام إضافي فاعله، و "بعد موتنا": كلام إضافي نصب على الظرف، قوله: "سبسب" مرفوع بالابتداء، وخبره قوله: "من دون رمسينا"، والجملة حالية فلذلك دخلتها الواو، وكلمة: "من" في "من الأرض" بيانية.
قوله: "لظل": جواب لو، وهي من الأفعال الناقصة، وقوله: "صدى صوتي": كلام إضافي اسمه، وقوله: "يهش": خبره، و" يطرب": عطف عليه، وقوله: "لصوت" يتعلق بقوله: "يهش"، وهو مضاف إلى صدى، وصدى مضاف إلى ليلى اسم محبوبته التي كان المجنون يتشبب بها.