الاستشهاد فيه:
في قوله: "ويا لأمثال قومي" حيث فتحت فيه اللام لتكرر حرف النداء (?).
يُبْكِيْكَ نَاءٍ بَعيدُ الدَّارِ مُغْتَرِبٌ ... يَا للْكهُولِ ولِلشُّبَّانِ للْعجبِ
أقول: قائله مجهول؛ كذا قال ابن هشام اللخمي، وهو من البسيط.
قوله: "يبكيك" أي: يبكي عليك، تقول: بكيت زيدًا، يعني: بكيت على زيد، وأبكيته إذا صنعت به ما يبكيه، قوله: "ناءٍ": اسم فاعل من نأى ينأى إذا بعد، و"مغترب": بمعنى غريب، و"الكهول": جمع كهل، و"الشبان": جمع شاب.
ومعنى البيت يقول: يا هذا المخاطب إذا متَّ في غربة بكاك النائي الغريب الَّذي هو مثلك في الاغتراب، فإذا ورد نعيك أقرباءك وبني عمك سروا بموتك، فيعجب من هذا ويستغيث يا للكهول وللشبان لهذا العجب العظيم، وقد يحتمل ألا يكون غريبًا ويكون قد مات في وطنه، فبكاه الغريب، وسر بموته القريب لأجل ما ورث منه.
الإعراب:
قوله: "يبكيك": جملة من الفعل والمفعول، و"ناء": فاعله، ولا يتبين فيه الإعراب؛ لأنه ناقص إلا في حال النصب، قوله: "بعيد الدار": صفة للنائي، وإضافته غير محضة، والنية بها الانفصال، فلذلك وقعت صفة للنكرة، والتقدير: بعيد داره، قوله: "مغترب" صفة أخرى.
قوله: "يا للكهول" يا حرف نداء، وللكهول بفتح اللام؛ لأنه منادى، والمنادى يحل محل المضمر ولذلك بني، ففتحت اللام معه كما تفتح مع المضمر في لك وله؛ إذ أصل اللام الفتح، والمضمر يرد الأشياء إلى أصولها، والعامل في اللام هو حرف النداء؛ كأنه تعدى إلى المنادى بزيادة اللام؛ لأن سيبويه قال في باب الجر: إذا قلت: يا لَبكر فقد جعلت ما يعمل في المنادى