قوله: "ما لم بين" كلمة "ما" هاهنا حرف مصدري زماني، والتقدير: يحلم الكريم مدة عدم رؤيته ضيم من أجاره، وقوله: "لم يرين": فعل مضارع دخلت عليه لم الجازمة، وأكد بنون التوكيد الخفيفة؛ فلذلك عادت إليه الياء التي كانت سقطت للجزم، وذلك لأن النون الساكنة تقتضي تحريك ما قبلها؛ كما تقول في: لم يضرب إذا أكدته: لم يضربن.
قوله: "من أجاره" من موصولة بمعنى الذي، وأجار صلته، والجملة في محل النصب؛ لأنها مفعول: "لم يرين"، وهو من رؤية البصر فلا يستدعي إلا مفعولًا واحدًا، وقوله: "قد ضيما" على صيغة المجهول، جملة في محل النصب لأنها صفة لقوله: "من" (?)، ويحتمل أن يكون حالًا، والألف واللام فيه للإطلاق.
الاستشهاد فيه:
في قوله: "إنَّ إنَّ الكريم" حيث كررت إن هاهنا للتأكيد مع غير اللفظ الذي وصلت به، فلذلك حكم بشذوذ نحو هذا؛ وذلك لأن الحرف لا يعاد إلا مع ما اتصل به أو لا لكونه كالجزء منه نحو: إن زيدًا إن زيدًا قائم، وفي الدار في الدار زيد، ولا يعاد وحده إلا في الضرورة، نص عليه ابن السراج (?).
وأجاز صاحب الكشاف ذلك من غير إعادة اللفظ المتصل، واحتج على ذلك بقول الشاعر المذكور، وتبعه على ذلك ابن هشام الخضراوي (?).
ورد عليه ابن مالك في شرح التسهيل وقال: قوله مردود، لعدم إمام يستند إليه، وسماع يعتمد عليه (?)، وفيه نظر لا يخفى.