والرابع: [أن] (?) مطلعها بيت مستطرق كثير الورود في كتب النحو واللغة، فلأجله ذكرنا الباقية.
والخامس: ليدل على توغلنا في هذا الفن وشدة تَنْقيرِنا في مظان الأشياء ومدارك اللغات والألفاظ، فنتكلم على لغاتها مختصرة تكثيرًا للفائدة، وإزاحة للإهمال عن ألفاظها الغربية.
1 - فقوله: "وقاتم الأعماق"؛ أي: ومكان قاتم الأعماق، أي مغبر النواحي، القاتم: المكان المظلم المغبر من القَتَامِ وهو الغبار، وقال ابن السكيت (?): يقال: أسود قاتم وقاتن (?)، والقتمة: لون فيه غبرة وحمرة ومثلة القُترة، وفي الأساس (?): لون قاتم وأقتم: أغبر يعلوه سواد، وقَدْ قَتَمَ يَقْتِمُ من باب ضرب يضرب، وقتِم يقتَم من باب علم يعلَم قتمًا وقتمة، و"الأعماق" جمع عمق بفتح العين وضمها، قال الجوهرى: العُمقُ والعَمقُ ما بَعُدَ من أطراف المفاوز، ثم قال: ومنه قول رؤبة:
وَقَاتم الأَعمَاقِ خَاوي المُخْتَرقن ... ...........................
وعمق كل شيء آخره ومنتهاه (?)، و "الخاوي" بالخاء المعجمة من خوى البيت إذا خلا، قال الله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاويَةً بِمَا ظَلَمُوا} [النمل: 52]، قيل معناه: خالية، وقيل ساقطة (?)، والخواء بالفتح الهواء بين السماء والأرض، وكل فرجة بين السماء والأرض خوى، وفي الأساس: خوي البطنُ خلا من الطعام فأصابه الخوى، أي: الجوع (?)، و"المخترقن" الممر الواسع المتخلل للرياح؛ لأن المار يخترقه، مفتعل من الخرق وهي المفازة، [وأصله] (?) من خرقت الأرض خرقًا، أي جبتها، والخرق: الأرض الواسعة تنخرق فيها الرياح، والخريق المطمئن من الأرض وفيها نبات.
قوله: "مشتبه الأعلام"، أي: الجبال، وهو جمع عَلَم؛ كالقلم يجمع على أقلام، والمعنى: إن أعلام هذه الطرق يشبه بعضها بعضًا فلا يهتدي السالك بها، قوله: "لمَّاع الخفق" اللماع: من لمع البرق لمعًا ولمعانًا إذا أضاء، وكذا التمع ونحوه، و: "الحفق" من خفق العلم والنجمُ خَفْقًا