وفيه ثلاثة مذاهب:

الأول: أنَّه مصدر في موضع الحال، وهو مذهب سيبويه (?).

والثاني: أنَّه معمول لفعل مقدر، أي: تعترك العراك، وهو مذهب الفارسي (?).

والثالث: أنَّه معمول لحال محذوف، أي: معتركة العراك.

وذهب ابن الطراوة إلى أن "العراك" نعت مصدر محذوف وليس بحال، أي: فأرسلها الإرسال العراك، وأنشده ثعلب: فأوردها العراك، وزعم أن العراك مفعول ثانٍ لأوردها (?).

وقال الشريف النيلي (?): ولولا أن العراك مصدر لم يجز أن يقع حالًا، وهو معرفة، فلو قال: أرسلها العارك لم يجز، إما لأن المصدر لا فرق بين تعريفه وتنكيره؛ لأنه اسم جنس فهو مثل قولك: أتانا مشيًا وركضًا، أي: ماشيًا وراكضًا؛ لأن المصدر (?) يقع موقع الحال كثيرًا إذا كان ضربًا من الفعل؛ فإن الإتيان ضرب من المشي.

وكذلك: العراك ضرب من الإرسال؛ لأن أرسلها بمعنى: أطلقها، والمصدر يؤكد الفعل، والفعل نكرة؛ فتأكيده بمنزلته معرفة كان المصدر أو نكرة، وإما لدلالة المصدر على اسم الفاعل؛ كما يدل عليه الفعل، فكأنه قال: أرسلها معتركة، وإما لدلالة المصدر على الفعل الدال على اسم الفاعل، فكأنه قال: أرسلها تعترك العراك؛ فالعراك على هذا مصدر، والفعل الدال عليه هو الحال.

قلت: حاصل كلامه أنَّه جعل العراك في موضع الحال وهو معرفة، وإنما جاز الاتساع في المصادر؛ لأن لفظها ليس بلفظ الحال؛ إذ حقيقة الحال أن تكون بالصفات، ولو صرحت بالصفة لم يجز دخول الألف واللام، لم تقل العرب: أرسلها العارك، والمعترك، ولا: جاء زيد القائم، فعلم أنَّه نائب عن الفاعل، والتقدير: أرسلها معتركة، ثم جعل الفعل موضع اسم الفاعل لمشابهته له فصار: تعترك، ثم جُعِل موضع الفعل لدلالته عليه، فافهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015