قال: أما الزنا فقد تركني ولم أتركه، وأما الخمر فقد قضيت منها وطرًا، وأما القمار فلعلي أصيب منه خلفًا.

فقال له أبو سفيان: هل لك إلى خير من هذا؟، قال: بيننا وبينه هدنة، فترجع عامك وتأخذ مائة ناقة حمراء، فإن ظفرنا به كنت قد أصبت عوضًا عن رحلتك، وإن ظفر هو (?) أتيته حينئذ.

وانطلق به أبو سفيان إلى منزله وجمع أصحابه، وقال: هذا إلأعشى قد عرفتم شعره، ولئن وصل إلى محمد لتصيّرنّ عليكم العرب بشعره، فجمعوا له مائة ناقة وانصرف إلى أهله، فلما كان بقاع منفوحة قرية من قرى اليمن رمى به بعيره فقتله.

وذكر محمد بن حبيب في شرح شعر الأعشى (?)، وقال: سمع الأعشى قراءة الكتب وأقبل حتى أتى مكة، وقال هذا الشعر -أعني: القصيدة التي يأتي ذكرها الآن، يمتدح ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونزل على عتبة بن ربيعة، فسمع به أبو جهل فأتاه في فتية من قريش، وأهدى إليه هدية، ثم سأله: ما جاء بك؟

قال: [جئت] (?) إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - لأني كنت سمعت الكتب لأنظر ماذا يقول؟ وما يدعو إليه؟، فقال له أبو جهل: إنه يحرم عليك الأطيبين: الخمر والزنا.

فقال: لقد كبرت وما لي في الزنا [حاجة] (?)، وأما الخمر، فقد أصبت منها غرضي، فجعلوا يحدثونه أسوأ ما يكون من الكلام والفعل، ثم قالوا: أنشدنا ما قلت فيه، فأنشدهم هذه القصيدة، فلما فرغ منها قالوا له: لو أنشدتَه هذا لم يقبله منك، فلم يزالوا به حتى صدوه، فخرج من فوره ذلك فأتى اليمامة، فقال: أتركه عامي هذا، فمكث زمنًا يسيرًا، فمات باليمامة، وهذه هي القصيدة (?):

1 - ألمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاكَ لَيْلَةَ أَرْمَدَا ... وبِتَّ كما باتَ السَّليمُ مُسَهَّدًا

2 - ومَا ذاكَ مِن عشقِ النساءِ وإنمَا ... تناسَيْتَ بعدَ اليومِ خُلَّةَ مَهْددَا (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015