لما يأتي به الليل والنهار، وعادت حاله مع علمه الكبير، وبصيرته الناقدة، إلى حال الجاهل بهذا العلم الذي انقياده كانقياده، واعتباره كاعتباره! ولعل توكل الجاهل به أحسن من توكل العالم، ورجاءه في الخير المتوقع، والشر المتوقى، أقوى وأرسخ من رجاء هذا المدل بزيجه وحسابه، وتقويمه واصطرلابه؟ قالوا: ولهذا روى الصالحون أن الثوري لقي ما شاء الله فقال له: أنت تخاف زحل وأنا أخاف رب زحل، وأنت ترجو المشتري وأنا أرجو رب المشتري، وأنت تغدو بالاستشارة وأنا أغدو بالاستخارة، فكم بيننا؟ فقال له ما شاء الله: كثير ما بيننا؟ حالك أرجى، وأمرك أنجح وأحجى.
قال: وهذا أنو شروان، وكان من المغفلين الأفاضل، روى عنه أنه كان لا يريغ بالنجوم، فقيل له في ذلك فقال: صوابه شبيه بالحدس، وخطاؤه شديد على النفس.
هكذا ترجم وهو كما ترى.
قال: فمتى أفضى هذا الفاضل التحرير، والحاذق البصير، إلى هذا الحد والغاية، كان علمه عارياً من الثمرة، خالياً من الفائدة، حائلاً عن النتيجة، لا عائدة، ولا مرجوع؛ وأن أمراً أوله على ما قررنا، وآخره على ما ذكرنا، لحرى بأن لا يشغل الزمان به، ولا يوهب العمر له، ولا يعار الهم والكدر، ولا يعاد عليه بوجه ولا سبب. هذا إذا كانت الأحكام صحيحة ومدركة