المقابسات (صفحة 211)

تدبير، وما كل صانع حكيم، وما كل طابع كريم، وما كل مدبر مصيب ولكل إنسان لسان، ولكل لسان سنان، وليس لكل لسان سنان، ولا لكل بيان برهان، وما كل ذي قلب بلبيب، وكل إنسان ذو نطق، وما كل ذي نطق بلبيب، وكل إنسان ذو نفس، وما كل ذي نفس بأريب، وكل إنسان ذو حس، وما كل ذي حس بلطيف، وكل إنسان ذو عقل، وما كل ذي عقل بعاقل.

وقال آخر: ما ترى هذا الرباط المعقود، والسرج المشدود، والأفق الممدود، والمركز الممهود، والحد المحدود؟ وقال آخر: التعليم الهندسي صناعة من الصناعات العقلية والأنسية ويقع بحثا على المقادير والأبعاد والأشكال والزوايا، وما يقع تحت كل مقدار وبعد من الزوايا الخطية والسطحية الجسمية. وقال: الهندسة صناعة معروفة المقادير وطبائعها وحدودها وخواصها وما يقع تحتها من أجزائها وأشخاصها، والمقادير هي الأشياء ذوات الأبعاد، وهي ثلاثة: طول، وعرض، وعمق. والمقدار الخطي بعد واحد، وهو الطول، والمقدار السطحي بعدان، وهما الطول والعرض. والمقدار الجسمي ثلاثة أبعاد، وهي: الطول والعرض والعمق، فالجسم المقدار التام.

وقال قائل: إذا غاص الإنسان في البحر واستخرج درة فيها غناه فقد حاز سعادته وملك إرادته، لأنه ليس من شرط الغنى أن يستخرج جميع ما في قعر البحر من الدر والجوهر، فإن طالب هذا مغرور، وعقله مختل، ولكن إذا حصل له الغنى بدرة واحدة، وخاصة إذا كانت ثمينة، فقد كفى وغني. وهذا معناه على ما سبق إلى الفهم، أي لا يلهج بالاستكثار بالعلم وبالتوغل في فنونه، وكذلك في السير المختلفة الأحوال المتباينة، فإن الرشد إذا أصيب، والغبطة إذا أنلت، والخير إذا وجد، فقد سعد المرء ونجا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015