لأن عليه شهادة من العقل، فبشهادته ثبتت أنيته، وبارتفاع صورته اتفقت كيفيته، وهذا غير التوحيد.
وقد مر كلام في التوحيد عن هذا الشيخ وعن غيره على سعة أطرافه وضيق عباراته، فلا وجه للإطالة في هذا الموضع. ولولا أن هذا القدر كالبيضاء ما اقترن به واشتمل عليه، لكان تركه أولى، وعلى كل حال ففيه تحديد لهذا الباب وبعث على ما تنزع النفس إليه من هذه الحقائق، وليس من فصل في هذه الرسالة ألا وهو متحل بضروب من البيان وأصناف من القول، ولكن الاقتصار أليق بالحال، وأحسم لمادة الشغب والجدال.
يقال: ما الكون؟ الجواب: خروج الشيء من القوة إلى الفعل.
يقال: ما الفساد؟ الجواب: خروج الشيء من الفعل إلى القوة.
يقال: ما الجمع؟ الجواب: انضمام المادة إلى نفسها وتلاقي أجزائها.
يقال: ما الانفراد؟ الجواب: انفصال المادة بأقسام لطيفة صغيرة القدر.
يقال: ما الباطل؟ الجواب: هو ما به نافي الموجود هو ما هو.
يقال: ما الخير بالحقيقة؟ الجواب: هو ما يراد بالاستعارة لذاته.
يقال: ما الشر؟ الجواب: هو ما يهرب منه لأجل ذاته، وأيضاً الشر هو ما يهرب منه لأجل أنه يؤدي إلى الاستعارة وإلى ما يهرب منه لأجل ذاته.
يقال: ما الذكر؟ الجواب: إحضار الذهن ما تقدم وجوده في النفس.
يقال: ما الذهن؟ الجواب: جودة التمييز بين الأشياء.
يقال: ما الذكاء؟ الجواب: سرعة الإنقداح نحو المعارف.
يقال: ما التواني؟ الجواب: هو نهاية الفكر.
يقال: ما الشك؟ الجواب: هو تردد النفس بين الإثبات والنفي.
يقال: ما الإرتياء؟ الجواب: هو تجارب.
يقال: ما اليقين؟ الجواب: هو مطابقة العقل معقوله.