المقابسات (صفحة 134)

حسن إيثارك للحق صنع لك في الذي لا تملك لوفاتك بحق ما تملك. الهيولى عاشقة للصورة مع المنافاة بينهما، لأنها بها تكمل، والصورة قابلة للهيولى، لأنها بها تحسن، إلا أن يكون المقوم منها وافر النصيب من الأول. الخذلان كل الخذلان في الحرص على سماع الحكمة مع مخالفتها. الإصرار على الشر مع تمني الإقلاع عنه زيادة في الشر. العكوف على الخير مع الشك خسران العاجلة والآجلة. تمني الخير في الظاهر مع ملابسة الشر في الباطن معاندة. تقبل الاهتمام بالخير مبدأ، والاهتمام بالشر غاية، المعطي لا يتبع المعطى ولا العطاء.

قيل له في هذا الفصل زدنا شرحاً؟ فقال: محال أن تكون قوى الأجرام العلوية في الإنسان الجزئي تابعة في البيود والبطلان. لا يستجيب شكل المادة لطابع العقل، فلذلك يوجد الزيغ في كل معقول ومحسوس. المحل محل نقص بالبيوس، فلا جرم متى وجدت عالماً وجدته خفيف المال، ومتى وجدت موسراً وجدته خفيف البصيرة، فإن ندر شيء فذاك خارج عن القياس، كالعلم بين الناس. ليس لنا إلا الآليهة والبشرية، فإذاً لا بد من سنن آليهة لتصير إنساناً، وسلاليم وعلائق بين البشرية والآليهة يرقى منها العاجز ويكمل بها الناقص. إنما أحوجت إلى غيرك لنقصك، وشوقت إلى من هو أشرف منك بنفسك، فاكمل تغن، وافن تبق، واغضض تبصر، أنسى تذكر، واعرف تنج، وخاطر تحرس.

واعلم في الجملة أنك داؤك، ولكن فيك دواؤك، فإذا تسلط داؤك على دوائك غار داؤك بدوائك. إنك واضح فلا تشكل، ونير فلا تظلم. للصورة سرار لا يفهم إلا بتأييد العقل، والهيولى خلافة لا يتخلص منها إلا بتشمير النفس. العقل سرح النفس مرعاها فيه، والنفس قليب الطبيعة مستقاها منه، والطبيعة صراط الإنسان مد له غيه. حاكم الطبيعة إلى النفس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015