وإذا كان كذلك، فالعقل مطالب بالتسليم للنصوص الشرعية الصريحة، ولولم يفهمها أو يدرك الحكمة التي فيها؛ فالأمر ورد بقبولها والإيمان بها. فإذا سمعنا شيئا من أمور الدين، وعقلناه، وفهمناه، فمن الله التوفيق، وله الحمد والشكر على ذلك. ومالم ندركه أو نفهمه، آمنا به وصدقناه1.
درء تعارض العقل الصحيح والنقل الصريح:
بقي أن نتساءل: هل يتعارض العقل الصحيح -السليم من الشبهات والأهواء- مع النص الصحيح الصريح؟ والجواب: تعارض النص الصريح من الكتاب والسنة مع العقل الصحيح غير متصور أصلا، بل هو مستحيل. فإذا توهم التعارض بسبب عدم فهم للنقل، أو فساد في العقل، فإن الوحي مقدم ومحكم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"فيأخذ المسلمون جميع دينهم -من الاعتقادات والعبادات وغير ذلك- من كتاب الله، وسنة رسوله، وما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها. وليس ذلك مخالفا للعقل الصريح؛ فإن ما خالف العقل الصريح فهو باطل. وليس في الكتاب والسنة والإجماع باطل. ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعض الناس، أو يفهمون منها معنى باطلا، فالآفة منهم، لا من الكتاب والسنة"2.