إن المسلم وهو ينشد مرضاة الله عز وجل، يجب عليه معرفة من الذين يجب عليه ولاؤهم وموالاتهم، ومن هم الذين يجب أن يصرف لهم الحب، ويتوجه إليهم بالمحبة، حتى ينال رضى الله تعالى1.
ولقد بين الله عز وجل لنا في كتابه لمن يصرف الولاء؛ فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55-56] ؛ فمن تولى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، كان تمام ذلك تولي من تولاه، "وهم المؤمنون الذين قاموا بالإيمان ظاهرا وباطنا، وأخلصوا للمعبود بإقامتهم الصلاة بشروطها وفروضها ومكملاتها، وأحسنوا للخلق، وبذلوا الزكاة من أموالهم لمستحقيها منهم، وهم خاضعون لله ذليلون. ومن حقق هذه الولاية فإنه من الحزب المضافين إل الله إضافة عبودية وولاية، وحزبه الغالبون الذين لهم العاقبة في الدنيا والآخرة"2.
فعلم من هاتين الآيتين أن التوجه بالولاء يكون: لله -لدينه عز وجل، ولكتابه-، ولرسوله- لسنته، ولهديه وطريقته صلى الله عليه وسلم-، ولعامة المؤمنين.
1- أما موالاة الله عز وجل، فهذه يطلب فيها أشدها وأكملها، كما قال عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165] .
2- أما موالاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذه يطلب فيها تقديم محبته صلى الله عليه وسلم على كل غال وثمين؛ من ولد، ووالد، وأهل، وعشيرة، وأموال، وغير ذلك، يقول الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ