أولا: المراد به
يراد به: قتال المسلم للمسلم بغير وجه حق، وهو نوع من أنواع الكفر العملي، المنافي لكمال الإيمان.
ثانيا: من الأدلة عليه
1- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" 1؛ فأطلق صلى الله عليه وسلم على قتال المسلم اسم: "الكفر"، تنبيها على عظم حق المسلم، وبيان حكم من قاتله بغير حق.
وهذا كفر عملي لأنه شبيه بفعل الكفار؛ فهو كفر أخوة الإسلام، لا كفر الجحود2.
2- قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" 3.
فأطلق صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين على قتال المسلمين بعضهم بعضا اسم "كفر"، وسمى من يفعل ذلك "كفارا". وليس المراد بالكفر ههنا الكفر الأكبر المخرج من الملة؛ لأن الله عز وجل أبقى على المتقاتلين من المؤمنين اسم "الإيمان"، فقال سبحانه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9] ، ثم سماهم مؤمنين، فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10] ، فأثبت لهم الإيمان، وأخوة الإيمان، ولم ينف عنهم شيئا من ذلك4؛ فعلم أن الكفر هنا كفر عملي لا يخرج صاحبه من دائرة الإسلام، وهو من جنس الكفر الأصغر5.