أولا: المراد به
نسبة النعم التي أنعم الله عز وجل بها علينا إلى غير المنعم عز وجل، أو استعمالها في غير مرضات الله؛ كالإسراف، والتبذير، وشراء المحرمات، أو إعطاء النعم لمن نهانا ربنا عز وجل عن إعطائهم؛ كالسفهاء من الصبيان وغيرهم. قال تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] .
ثانيا: الأدلة عليه، من الأدلة على كفر النعمة:
1- قول الله عز وجل: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112] .
2- قول الله عز وجل: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: 83] ؛ فهؤلاء عرفوا نعم الله عز وجل، وعروفا أن الله هو المنعم عليهم بها، ولكنهم جحدوها، وزعموا أنهم ورثوها كابرا عن كابر1.
3- قصة الثلاثة: الأبرص، والأقرع، والأعمى، الذين أنعم الله عليهم بإصلاح حالهم وبالمال، فجحد اثنان منهم نعمة الله، وقالا: إنما ورثنا هذا المال كابرا عن كابر. واعترف الأعمى بنعم الله، وقال: قد كنت أعمى، فرد الله إلي بصري. فقال له الملك: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك2.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ معلقا على هذا الحديث: وهذا حديث عظيم، وفيه معتبر؛ فإن الأولين جحدا نعمة الله، فما أقرا لله بنعمة، ولا نسبا النعمة إلى المنعم بها، ولا أديا حق الله، فحل عليهما السخط، وأما الأعمى فاعترف بنعمة الله، ونسبها إلى من أنعم عليه بها، وأدى حق الله فيها، فاستحق الرضا من الله قيامه بشرك النعمة لما أتى بأركان الشكر الثلاثة التي لا يقوم الشكر إلا بها، وهي الإقرار بالنعمة، ونسبتها إلى المنعم، وبذلها فيما يجب3.