فالتطير أمر قد يقع من الإنسان، كما قال ذلك الصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ومنا أناس يتطيرون. قال صلى الله عليه وسلم: "ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه؛ فلا يصدنكم" 1؛ فأخبر صلى الله عليه وسلم أن تأذي الإنسان وتشاؤمه بالطيرة إنما هو في نفسه وعقيدته، لا في المتطير به، فوهمه وخوفه وإشراكه هو الذي يطيره ويصده2.

والطيرة هي ما أمضاك، أو ردك، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ردته الطيرة عن حاجته، فقد أشرك"، قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: "أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك" 3.

وهذا من العلاج؛ فإن الإنسان إذا قال ذلك، وأعرض عما وقع في قلبه، ولم يلتفت إليه، كفر الله عنه ما وقع في قلبه ابتداءا، لزواله عن قلبه بهذا الدعاء المتضمن للاعتماد على الله وحده، والإعراض عما سواه4.

فعلاج هذا التطير الذي يقع في نفس الإنسان، يكون بصدق التوكل على الله عز وجل، واعتقاد أنه وحده هو النافع والضار. ويضاف إلى صدق الالتجاء: الدعاء الذي علمناه الرؤوف بنا، الحريص علينا صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم: "اللهم لا خير إلا خيرك".

وكذلك الدعاء الآخر: "فإذا رأى أحدكم ما يكره، فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك"5؛ ففيه نفي تعليق القلب بغير الله في جلب نفع أو دفع ضر، وهذا هو التوحيد، وهودعاء مناسب لمن وقع في قلبه شيء من الطيرة، وتصريح بأنها لا تجلب نفعا، ولا تدفع ضرا6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015