وقد توسع مؤلف الكتاب المذكور في إطلاق لفظة العرب صلى الله عليه وسلمrabum والعربية أي أرض العرب صلى الله عليه وسلمrabia في أثناء حديثه عن العرب وعن أرضهم فأدخل في العرب جماعة ليسوا منهم مثل "بني إرم"، ولما تحدث عن فتح الإسكندر للبنان، ذكر أنه ذهب بعد ذلك إلى العربية، أي أرض العرب وعني بها البادية الواسعة التي تفصل بلاد الشام عن "ما بين النهرين"، وكل الأرضين على ضفة الفرات الغربية1.
هذا ولا أظن أن إنسانًا يقول: إن "الإسكندر" المذكور كان قد حصل على علمه بثراء العرب وبنفاسة ما يبيعونه في أسواق البحر المتوسط من تجارات عن طريق الوحي والإلهام، وبنباهة فكره، إن علمًا من هذا النوع لا يمكن أن يحصل عليه إنسان إلا من علم الماضين ومن علم السياح والتجار بصورة خاصة؛ لأنهم كانوا وما زالوا منذ خلق الإنسان يفتشون عن الأسواق وعن المنتجات ويتعارفون فيما بينهم على اختلاف ألوانهم وأديانهم للحصول على معارف تجارية تخولهم الحصول على ما يبتغون بأرخص الأسعار.
من هذه الموارد ولا شك حصل "الإسكندر" على عمله بأحوال الهند وبأحوال جزيرة العرب وبالأسواق التي كانوا يرتادونها، وعلمه هذا هو الذي حمله على أن يوجه حملته على بلاد العرب -على ما أرى- من البحر لا من البر؛ لأنه أدرك أن حملة بحرية تمكنه من السيطرة على مفاتيح الجزيرة وعلى النقط الحساسة فيها بسهولة ويسر وبدون تكاليف باهظة، وبذلك يقبض على خناقها ويقطع عنها إن تيسر له النجاح اتصالها بأسواق إفريقيا والهند وما وراء الهند، وهي الأسواق الرئيسية التي مونت العرب بالثراء وبذلك يقطع عنهم موارد الثراء، أما من البر فقد كان على علم أكيد من خلال تجارب الماضين ومن علمه وعلم قواد جيشه بصعوبة الاستيلاء عليها من البر ومن الاحتفاظ بها أمدًا طويلًا والمحافظة على طرق المواصلات الطويلة وإيصال المؤن إلى قواته، لذلك لم يفكر في الاستيلاء عليها من البر, ثم إن ثراء سكان الجزيرة المشهور لم يكن من ثراء حاصلاتها وإنتاجها وإنما كان من أسواق إفريقيا والهند في الغالب، ولهذا رجح خطة السيطرة على موانئ جزيرة العرب بوضع قوات بها على خطة السيطرة