"وأجمع أهل العلم بالشعر على أنه لم يكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها. وكانت أول أمرها تقول البيتين والثلاثة حتى قتل أخوها معاوية ثم أخوها صخر، فأكثرت من الشعر وأجادت"1. وهي أم الشاعر "العباس بن مرداس"، وأم إخوته الثلاثة وكلهم شاعر. ولم تلد إلا شاعرا، وذكر "الكلبي" أن أم ولد "مرداس" جميعا الخنساء، إلا العباس، فإنها ليست أمه، ولم يذكر من أمه.
غير أن "أبا فرج الأصبهاني" ذكر أنها أمه. وكان النبي يعجبه شعرها ويستنشدها ويقول هيه يا خناس ويومئ بيده2.
روي أنها كانت تقول الشعر في زمن النابغة الذبياني، وكان النابغة تضرب له قبة حمراء من أدم بسوق عكاظ، وتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها، وكانت "الخنساء" ممن أنشدته شعرها، ويقال إنه لما سمع شعرها، قال: "والله مارأيت ذات مثانة أشعر منك، فقالت له الخنساء: والله ولا ذا خصيين"3. ومن جيد شعرها، قولها في "صخر" أخيها:
لا بد من ميتة في صرفها غير ... والدهر من شأنه حول وإضرار
وإن صخرا لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار4
وذكر أنها كانت سوّمت هودجها براية في الموسم، وعاظمت العرب بمصيبتها بابنها "عمرو" وبأخويها صخر ومعاوية، وجعلت تشهد الموسم وتبكيهم، وأن هندا ابنة عتبة لما قتل ببدر أبوها وعمها شيبة وأخوها الوليد فعلت كذلك وقالت: اقرنوا جملي بجمل الخنساء، فصارتا تبكيان وتتناشدان5.
وروي أن رسول الله كان يستحسن قول الخنساء في صخر أخيها:
لا بد من ميتة في صرفها غير ... والدهر من شأنه حول وإضرار