وقد حملت دمامة خلقة الحطيئة ورثة هيئته وسوء ملبسه الناس إلى ازدراء شأنه وعدم الاهتمام به عند حضوره مجلسا لا يعرفه فيه أحد، وإلى وقوعه في مشاكل معهم. وقد يكون من الصعب عليهم رتق الخرق بعد وقوعه وإصلاح حاله غير أن منهم من كان يجد سبيلا إلى ذلك، باسترضائه بتقديم المال له، وهو ما يطلبه، فينسيه ما أصابه من ازدراء وإهمال1. وزعم أنه كان مغمور النسب، وأنه كان من أولاد الزنا الذين شرفوا2.

وقد غلب الهجاء على طبعه، حتى عد من أنبغ الشعراء المتقدمين فيه. وقد ذهب "بروكلمان" إلى أن للهجاء الفضل في بقاء شعر الحطيئة3. فالهجاء باب له منفذ واسع إلى العواطف حفظه الأعداء والحساد للنيل ممن قيل بحقهم من أعدائهم وحسادهم، فحفظه الناس جيلا عن جيل.

ويقال إن "عمر" لما لقي الحطيئة قال له: "كأني بك عند بعض الملوك تغنيه بأعراض الناس. أي تغني بذمهم وذم أسلافهم في شعرك وثلبهم"4. ولما هجا "الحطيئة" "الزبرقان بن بدر" استعدى عليه "عمر"، فدعا "حسان بن ثابت" فقال: أتراه هجاه؟ قال: نعم وسلح عليه فحبسه، فقال وهو في حبسه شعرا يستعطف به "عمر" حتى رق عليه، وشفع له "عمرو بن العاص"، فأطلقه على ألا يهجو أحدا5. ويقال إنه كتب إلى عمر شعرا يتوسل فيه العفو عنه، وأن يرحم حال أولاده الصغار بذي مرخ، فيه:

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015