فقالت له امرأة يوما: قم فافصد لناهذه الناقة! وكان الفصد عندهم أن يقطع عرقا من عروق الناقة، ثم يجمع الدم فيشوى. فقام حاتم إلى الناقة فنحرها فلطمته المرأة. فقال حاتم: "لو غير ذات سوار لطمتني" فذهب قوله مثلا1.
وروي أيضا أنه قال: "هذا فصدي"، يريد أنه لا يصنع إلا ما تصنع الكرام. وقد نسب هذا المثل لكعب بن مامة، وذلك أنه كان أسيرا في عنزة فأمرته أم منزله أن يفصد لها ناقة، فنحرها، فلامته على نحره إياها، فقال: هكذا فصدي2.
ويلاحظ أن "الجاحظ" وغيره يقدمون "كعب بن مامة" على حاتم الطائي في الجود، "لأن كعبا بذل نفسه في أعطية الكرم وبذل المجهود فساوى حاتما من هذا الوجه، وباينه ببذل المهجة"3. كما نلاحظ أن بعض أخبار الجود المنسوبة إلى "حاتم" تنسب إلى "كعب بن مامة" كالذي رأيته في تفسير المثل: "هكذافصدي".
ولما بلغ حاتم قول المتلمس:
قليل المال يصلحه فيبقى ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
وحفظ المال خير من فناء ... وعسف في البلاد بغير زاد
قال: قطع الله لسانه، حمل الناس على البخل فهلا قال:
فلا الجود يفني المال قبل ذهابه ... ولا البخل في مال الشحيح يزيد
فلا تلتمس مالا بعيش مقتر ... لكل غد رزق يعود جديد
ألم تر أن الرزق غاد ورائح ... وأن الذي أعطاك سوف يعيد4
وذكر أن "زيد الخيل" عير حاتما الطائي في خروجه من طيء ومن حرب