وكان "الزبير شاعرا مفلقا شديد العارضة مقذع الهجاء، ولما جاء "عبد الله بن الزبعرى" السهمي "بني قصي" رفعوه برمته إلى "عتبة بن ربيعة" خوفا من هجاء "الزبير" فلما وصل "عبد الله" إليهم أطلقه "حمزه بن عبد المطلب" وكساه، فمدحه. وكان "الزبير" غائبا بالطائف أو باليمن، فلما وصل إلى مكة وبلغه الخبر قال:
فلولا نحن لم يلبس رجال ... ثياب أعزة حتى يموتوا
ثيابهم سمال أو طمار ... بها ودك كما دسم الحميت
ولكنا خلقنا إذ خلقنا ... لنا الحبرات والمسك الفتيت1
وقد كان الخلعاء ينزلون على "الزبير بن عبد المطلب"، ومنهم "أبو الطمحان" القيني، وكان فاسقا ومن الشعراء2.
وكان "أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي" الهاشمي، أن عم الرسول وأخيه في الرضاعة من شعراء قريش المطبوعين. وكان ممن يؤذي النبي والمسلمين، ويهجو رسول الله، وقد عارضه "حسان بن ثابت"، ثم أسلم. وكان إسلامه يوم الفتح قبل دخول رسول الله مكة3. قال "ابن سلام": "ولأبي سفيان بن الحارث شعر، كان يقوله في الجاهلية فقط، ولم يصل إلينا منه إلا القليل، ولسنا نعد ما يروي ابن إسحاق له ولا لغيره شعرا، ولإن لا يكون لهم شعر أحسن من أن يكون ذلك لهم. قال أبو سفيان:
لعمرك إني يوم أحمل راية ... لتغلب خيل اللات خيل محمد
أنا المدلج الحيران أظلم ليله ... بعيد أرجى حين أهدى واهتدي
هداني هاد غير نفسي وقادني ... إلى الله من طردت كل مطرد4