بعد أن كثرت الأشعار في سيرته بالمدينة، كما أن للشيعة يدا في وضع هذا الشعر على لسان "أبي طالب" لإظهاره بمظهر المعاون للنبي المؤيد له، المؤمن بدعوته في قلبه ولسانه، تأييدا للإمام "علي"، الذي هو ابن "أبي طالب"1.
ونسب "الجاحظ" له قوله:
أمن أجل حبل لا أباك علوته ... بمنسأة قد جاء حبل وأحبل2
ويروى لعلي بن أبي طالب شعر كثير3. ولا يوجد شك في أن عليا كان مطبوعا على قول الشعر، وأنه كان ذا شاعرية، وله مواهب تؤهله لنظمه، كما كان من الحفاظ للشعر، وقد أورد له أهل الأخبار والأدب شعرا ذكروه في المواضع المناسبة، كما جمع بعض الأدباء شعره في ديوان، فهو صاحب شعر، نظم في المناسبات، غير أنه لم يكن شاعرا بمعنى أنه اتخذ الشعر صناعة له، وإنما كان يقوله في المناسبة، ثم إن في المنسوب إليه، شعرا كثيرا، هو موضوع. صنع وحمل عليه. وأكثر ما جاء في الديوان الذي يحمل اسمه هو من هذا القبيل4.
ونظرا إلى ما لعلي بن أبي طالب من المكانة في نفوس المسلمين، ولوجود شيعة له، فقد اهتم الناس بأمر ديوانه، وشرحوه شروحا عديدة، وترجموه إلى لغات مختلفة، وطبع جملة طبعات، بحيث نستطيع أن نقول دون مبالغة، إن ديوان "علي" نال من المكانة والتقدير ما لم ينله أي ديوان آخر، ليس لما فيه من شعر أو من بلاغة، بل لحرمة ولمكانة صاحبه، ففي هذا الديوان غث كثير، وفيه ما لا يمكن إرجاعه إلى "علي" أبدا5. قال "أبو عثمان" المازني: لم يصح عندنا أن عليا تكلم من الشعر إلا هذين البيتين:
تلكم قريش تمناني لتقتلني ... فلا وربك ما برّوا وما ظفروا
فإن هلكت فرهن ذمتي لهم ... بذات روقين لا يعفو لها أثر6