ثم:

وما سبح الرحمن في كل ليلة ... أبيل الأبيلين المسيح بن مريما1

وأدخلوا في هذه الطبقة "جذيمة" الأبرش، و "لجيم بن صعب بن على بن بكر بن وائل"، وهو القائل:

من كل ما نال الفتى ... قد نلته إلا التحية2

وجذيمة الأبرش، هو "جذيمة بن مالك بن فهم بن عمرو" ملك الحيرة، والأبرش لقب له، ويقال له الوضاح3، وهو خال "عمرو بن عدي"، وكان ينادم عديًّا، وكان له نديمان هما: مالك، وعقيل، بقيا معه أربعين سنة، ثم قتلهما وندم، ويضرب بهما المثل لطول ما نادماه. وقد قتلت الزباء جذيمة4. وقد شاء أهل الأخبار عده شاعرا من الشعراء وأوردوا له شعرا، كما سبق أن تحدثت عنه في أثناء حديثي عن مملكة الحيرة، وعن أسطورة صلته بالزباء. ولو جعلناه شاعرا: لوجب علينا تقديمه على كل الشعراء الجاهليين.

وقصة شعره أسطورة من أساطير أهل الأخبار، فلو كان له شعر، لوجب أن يكون بعربية أخرى، هي العربية التي دون بها شاهد قبر "امرئ القيس" ملك الحيرة، الذي توفي سنة "328" للميلاد أي بعد "جذيمة" بأمد، وشعره هو من شعر تبابعة اليمن وآدم والجن من صنع الرواة وأهل الأخبار.

وترى في شعر الأعشى، وأمية بن أبي الصلت، و "عدي بن زيد"، وكلهم من شعراء القرى، قصصا، لا تجده في الشعر المنسوب إلى غيرهم من الشعراء. قصصا نصرانيا وقصصا يرد عند اليهود، وقصصا من قصص الأساطير والخرافات، أو مما يتعلق بالأشخاص، كالذي ينسب إلى الأعشى من سرده حكاية السموأل وقصره في قصيدته التي يقول فيها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015