فصرنا بعد هلك أبي قبيس ... كجرب المعز في اليوم المطير

تقسمنا القبائل من معد ... علانية كأيسار الجزور

وكنا لا يرام لنا حريم ... فنحن كضرة الضرع الفخور

نؤدي الخرج بعد خراج كسرى ... وخرج من قريظة والنضير

كذاك الدهر دولته سجال ... فيوم من مساءة أو سرور1

فهو يتأسف على ما وقع للحيرة، من تسلط قبائل "معد" عليها، ومن دخولهم في حكمهم، بعد أن كانوا يحكمون تلك القبائل، ويجبون الجبايات، ويظهر من ذكر "قريظة" والنضير في هذا الشعر، أن حكم الحيرة قد بلغ أرض هاتين القبيلتين، وذلك إن صح بالطبع أن هذا الشعر هو من شعره، وأنه أصيل غير مصنوع.

وهو "عبد المسيح بن بقيلة" الغساني، أو "عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة"، وبقيلة اسمه "ثعلبة"، وقيل: "الحارث". وقد حشر في جملة المعمرين الذين عاشوا ثلاثمائة سنة وخمسين سنة، وأدرك الإسلام، فلم يسلم، وكان نصرانيا. وله حديث مع خالد، حين طلب من أهل الحيرة إرسال رجل من عقلائهم ليكلمه في أمر المدينة، فلما جاء إليه قال له: أنعم صباحا أيها الملك. فقال خالد: قد أغنانا الله عن تحيتك هذه، ثم سأله أسئلة أخرى، ثم قال له. أعرب أنتم أم نبيط؟ قال: عرب استنبطنا، ونبيط استعربنا2، في حديث منمق، يرويه أهل الأخبار، وكأنهم كانوا مع خالد وابن بقيلة يسجلون حديثهما بالكلم والحروف.

وقد تطرق "الجاحظ" إلى خبر التقاء "عبد المسيح" بخالد بن الوليد، وروى حديثه معه3. وذكر "المرتضى" أنه لما بنى قصره المعروف بقصر ابن بقيلة قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015