وقد ضاع أكثر شعر "الشنفرى". وقد طبعت لاميته، وللعلماء شروح وبحوث عليها. وهي في الفخر والحماسة، ولم يعرف كثير من قدماء علماء الشعر القديم هذه اللامية، ومن بينهم مؤلف كتاب "الأغاني". وقد تعرض "القالي" لموضوع "اللامية"، فقال: "حدثني أبو بكر بن دريد: أن القصيدة المنسوبة إلى الشنفرى التي أولها:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل
له، وهي من المقدمات في الحسن والفصاحة والطول، فكان أقدر الناس على قافية"1. ويعود الضمير "له" إلى خلف الأحمر. أي أن القصيدة هي من صنعه وعمله. وعدة القصيدة ثمانية وستون بيتا. وممن شرحها: الخطيب التبريزي، والزمخشري، وابن الشجري، وابن أكرم وغيرهم2. وقد ورد في "تأريخ الآداب العربية" لكارلو نالينو: "أما الشنفرى الأزدي فصاحب اللامية المشهورة التي يفتخر فيها بانفراده من قومه ووحشة عيشه في البراري كأنه لم يعاشر إلا السباع. وهي قصيدة غاية في الجمال تنطق بلسان حال الشاعر وإن كان بعض النحويين يزعمون أنها من مصنوعات حماد الراوية المتوفى سنة 155"3. وفي قوله: "وإن كان بعض النحويين يزعمون أنها من مصنوعات حماد الرواية" وهم، لا أدري أوقع منه، أم من الترجمة، لأن غالبية العلماء تنسبها إلى خلف الأحمر، لا إلى حماد. كما أن وفاته كانت سنة "156هـ"4.
وقد ذهب بعض المستشرقين الذين بحثوا أمر هذه القصيدة، إلى أن القصائد التي نحلها "خلف الأحمر" احتفظت دائما بعمود الشعر القديم وطابعه، أما هذه القصيدة، فلها طابع خاص يجعل من الصعب تصور صدورها من "خلف الأحمر"5.