كانت من أشد الناس في الجاهلية، وكانت بينهم وبين "بكر" حزازة وعداوة، ويقال: جاء ناس من بني تغلب إلى بكر بن وائل يستسقونهم فطردتهم بكر للحقد الذي كان بينهم فرجعوا، فمات سبعون رجلا عطشا. فاجتمعت "تغلب" لحرب "بكر"، واستعدت لهم "بكر" حتى إذا التقوا، خافوا أن تعود الحرب بينهم كما كانت، فدعا بعضهم بعضا إلى الصلح، فتحاكموا في ذلك إلى "عمرو بن هند". فجاءت تغلب يقودها "عمرو بن كلثوم" وجاءت بكر، ومعها "الحارث بن حلزة اليشكري"، فألقى قصيدته:
آذنتنا ببينها أسماء ... رب ثاو يمل منه الثواء
وتأثر "عمرو بن هند" بها، فحكم لبكر، وأنشد: "عمرو" قصيدته:
ألا هبي بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقي خمور الأندرينا1
وفي جملة أبياتها:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا2
ويذكر بعض الرواة أن "عمرو بن كلثوم" ارتجل قصيدته الشهيرة ارتجالا، وأنها كانت تبلغ ألف بيت أو تزيد3. وأن ما وصل إلينا منها هو بعضها. وتبلغ "96" بيتا في كتاب "شرح القصائد العشر" للتبريزي4. يظهر من دراستها وإمعان النظر فيها أنها لم تنظم دفعة واحدة، وأنها لم تكن بهذا الطول يوم ألقاها الشاعر، بل زيدت فيما بعد حسب المناسبات، لأن فيها أبياتا تمس أمورا وقعت فيما بعد، في ظروف متأخرة.
ويروى أن "عمرو بن كلثوم"، جاء سوق عكاظ، فألقى معلقته هناك. وروي أن "معاوية بن أبي سفيان" قال "إن قصيدة عمرو بن كلثوم وقصيدة الحارث بن حلزة، من مفاخر العرب، وكانتا معلقتين بالكعبة دهرا"5.