وكانت العرب في الجاهلية إذا كان للرجل منهم ولد من أمة استعبده، وكان لعنترة إخوة من أمه عبيد. وكان سبب ادعاء أبي عن عنترة إياه أن بعض أحياء العرب أغاروا على قوم من "بني عبس"، فأصابوا منهم، فتبعهم العبسيون فلحقوهم فقاتلوهم عما معهم، وعنترة فيهم، فقال له أبوه أو عمه في رواية أخرى: كر يا عنترة! فقال عنترة: العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلاب والصر. فقال: كر وأنت حر، فكر وقاتل يومئذ حتى استنقذ ما بأيدي عدوهم من الغنيمة، فادعاه أبوه بعد ذلك، وألحق به نسبه1.
وورد في رواية أن إخوته قالوا له: اذهب فارع الإبل والغنم واحلب وصر.
فانطلق يرعى وباع منها ذودا، واشترى بثمنه سيفا ورمحا وترسا ودرعا ومغفرا، ودفنها في الرمل. وكان له مهر يسقيه ألبان الإبل. وإن في الجاهلية من غلب سبا. وإنه جاء ذات يوم إلى الماء فلم يجد أحدا من الحي، فبهت وتحير حتى هتف به هاتف: أدرك الحي في موضع كذا، فعمد إلى سلاحه فأخرجه وإلى مهره فأسرج واتبع القوم الذين سبوا أهله فكر عليهم ففرق جمعهم وقتل منهم ثمانية نفر، فقالوا: ما تريد؟ فقال: أريد العجوز السوداء والشيخ الذي معها، يعني أمه وأباه، فردوهما عليه. فقال له عمه: يا بني كر، فقال: العبد لا يكر، ولكن يحلب ويصر. فأعاد عليه القول ثلاثا وهو يجيبه كذلك. قال له: إنك ابن أخي وقد زوجتك ابنتي عبلة. فكر عليهم فأنقذه وابنته منهم. ثم قال: إنه لقبيح أن أرجع عنكم وجيراني في أيديكم: فأبوا، فكر عليهم حتى صرع منهم أربعين رجلا قتلى وجرحى فردوا عليه جيرانه. فأنشد:
هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم2
وروي أنه كان من معاصري "امرئ القيس"، وأنه اجتمع به3، وأن امرأة "شداد" أبي "عنترة" ذكرت لشداد أن عنترة أرادها عن نفسها، فأخذه أبوه فضربه ضرب التلف، فقامت المرأة فألقت نفسها عليه لما رأت ما به