ونسب له قوله:

من يبسط الله عليه إصبعا ... بالخير والشر بأيّ أولعا

يملأ منه ذنوبا مترعا1

وقوله:

وما الناس إلا كالديار وأهلها ... بها يوم حلوها وغدوا بلاقع

وقوله:

تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما ... وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر

وفي هذه الأبيات إشارات إلى رأي لبيد في الدنيا وفي الموت، وهي آراء يقولها في العادة المعمرون، فإذا صح أنها له، فلا بد وأن تكون من شعره الذي قاله بعد تقدمه في السن.

ويظهر أن الكبر هو الذي حمل "لبيدا" على ترك الشعر أو الإقلال منه، فالتقدم في السن يوقف القريحة ويجمد الذهن. فلما أرسل "الوليد بن عقبة" إليه شعرا، ومعه مائة بكرة، قال لبيد لابنته: أجيبيه فقد رأيتني وما أعيا بجواب شاعر4. وفي هذا الجواب دلالة على توقف قريحته عن قول الشعر، وأنه لم يعد باستطاعته نظمه، وليس السبب هو الإسلام.

وكانت مناسبة إرسال "الوليد بن عقبة" الشعر والهدية إليه أنه "لبيد" كان آلى في الجاهلية ألا تهب الصبا إلا أطعم الناس حتى تسكن، وألزمه نفسه في إسلامه. فهبت الصبا، ولم يكن عند "لبيد" ما يعينه على الإطعام، فخطب "الوليد" الناس بالكوفة، وقال: إن أخاكم لبيدا آلى ألا تهب له الصبا إلا أطعم الناس حتى تسكن، وهذا اليوم من أيامه، فأعينوه، وأنا أول من أعانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015