وفي شعر زهير، زهد ووعظ وتهذيب، حمل بعض الباحثين على اعتباره نصرانيا، ويشك "بروكلمان" في ذلك، إذ يرى أن أثر النصرانية وإن كان واسع الانتشار في جزيرة العرب في ذلك الوقت، بيد أنه لا توجد لدينا أدلة تحملنا على جعله نصرانيا1. وقد ذكر علماء الشعر أن "زهيرا" كان يتأله ويتعفف في شعره، ويدل شعره على إيمانه بالبعث وذلك قوله:
يؤخر فيودع في كتاب فيدخر ... ليوم الحساب أو يعجل فينقم2
ومن جيد شعره في تحديد اليمين قوله:
فإن الحق مقطعه ثلاث ... يمين أو نفار أو جلاء3
وقد ثمن شعره وقدره العلماء. قال "الثعالبي" فيه: "إنه أجمع الشعراء للكثير من المعاني في القليل من الألفاظ"4. وفي معلقته أبيات في نهاية الحسن والجودة، وقد جرت مجرى الأمثال الرائعة5.
وورد أن "عمر بن الخطاب" كان لا يُقدّم عليه أحدا. وذكر أن "عمر" قال لابن عباس: أنشدني لأشعر شعرائكم. قلت: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: زهير. قيل بم كان ذلك؟ قال: كان لا يعاظل بين الكلام، ولا يتتبع حوشيه، ولا يمدح الرجل بما لا يكون في الرجال. قال: فأنشدته حتى برق الصبح. وورد أن عمر كان جالسا "مع قوم يتذاكرون أشعار العرب إذ أقبل ابن عباس، فقال عمر: قد جاءكم أعلم الناس بالشعر، فلما جلس قال: يا ابن عباس، من أشعر العرب؟ قال: زهير بن أبي سلمى. قال فهل تنشد من قوله شيئا نستدل به على ما قلت، قال: نعم، امتدح قوما من غطفان يقال لهم بنو سنان فقال: