و "بشر بن أبي خازم" شاعر جاهلي قديم، من بني أسد، شهد حرب أسد وطيء، وشهد هو وابنه نوفل بن بشر الحلف بينهما. وكان في أول أمره يهجو "أوس بن حارثة بن لأم" الطائي، فأسرته بنو نبهان من طيء، فركب "أوس" اليهم فاستوهبه منهم، وكان قد نذر ليحرقنه إن قدر عليه، فوهبوه له، ثم شفعت له أم أوس، ففك أسره، فجعل بشر مكان كل قصيدة هجاء قصيدة مدح، لأن الهجاء لا يمحى عند العرب إلا بمدح، يمحو أثره، في قصة يروونها عن كيفية وقوعه في الأسر1.
وروي أنه لما طعن، طعنه غلام من "بني وائلة" بسهم فأثخنه، وأخذ يجود بنفسه، قال قصيدة يخاطب بها ابنته عميرة:
أسائلة عميرة عن أبيها ... خلال الجيش تعترف الركابا
وهي قصيدة روى بعض أبياتها الشريف المرتضى في أماليه2. كان بشر قد أغار في مقنب من قوهم على "الأبناء" من بني صعصعة بن معاوية، وكل "بني صعصعة" إلا "عامر بن صعصعة" يدعون الأبناء، وهم وائلة، ومازن، وسلول، فلما جالت الخيل مر "بشر" بغلام من "بني وائلة" فقال له" بشر" استأسر، فقال له الوائلي: لتذهبن أو لأرشقنك بسهم من كنانتي، فأبي بشر إلا أسره، فرماه بسهم، فاعتنق بشر فرسه وأخذ الغلام فأوثقه، فلما كان في الليل أطلقه بشر من وثاقه وخلّى سبيله، وقال: أعلم قومك أنك قتلت بشرا، وهو قوله:
وإن الوائلي أصاب قلبي ... بسهم لم يكن نكسا لغابا3
ومن هذه القصيدة قوله:
تسائل عن أبيها كل ركب ... ولم تعلم بأن السهم صابا
فرجي الخير وانتظري إيابي ... إذا ما القارظ العنزي آبا