جد الشاعر، قد كانت في سنة "528" للميلاد، وأن قتل "حجر" قد وقع بعده، استطعنا الحكم بأن أولئك الشعراء المذكورين قد عاشوا في النصف الأول من القرن السادس للميلاد، وأن حياة أقدم واحد منهم، لا يمكن أن تتجاوز قرنًا واحدًا قبل الإسلام، مهما بالغنا في التقدير.
وأما ما زعمه أهل الأخبار عن بعض أولئك الشعراء، من أنهم كانوا من المعمرين، وأن منهم من عمّر أكثر من ثلاثمائة سنة، وأن المعمر في نظرهم لا يعدّ معمرًا إلا إذا زاد عمره على المائة والعشرين عامًا، فأترك أمر تصديقه إلى القارئ، إن شاء أخذ به، متمنيًا له أيضًا عمر المعمرين وزيادة، وإن شاء رفضه، أما أنا، فلست من حزب الذين يعتقدون برأي أهل الأخبار في العمر وفي المعمرين، ولا أريد أبدًا أن أكون من أولئك المعمرين.
وقد قسم "محمد بن سلام" الجمحي المتوفى سنة "232" الشعراء إلى طبقات، ضمت كل طبقة جماعة من الشعراء، رأى أن بينها تشابهًا وتقاربًا فجمعهم لذلك في طبقة واحدة، أما "ابن قتيبة" فقد بدأ بأوائل الشعراء، وهم: "دويد بن نهد" القضاعي، ثم "أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان"، ثم "الحارث بن كعب"، وقد تحدث عنهم حديثا قصيرًا جدًّا، ثم تكلم عن بقية الشعراء وعلى رأسهم "امرؤ القيس" فزهير بن أبي سلمى، ولم يسر في كتابه على طريقة "ابن سلام" في عرضه الشعراء على طبقات، كما لم يسر على الترتيب الأبجدي لأسماء الشعراء أو على شهرتهم أو كناهم، كما سار غيره في مؤلفاتهم عن الشعراء.
وقد سار "جرجي زيدان" على مبدأ تقسيم الشعراء على وفق الأغراض التي نظموا شعرهم بها والتي غلبت طبائعهم عليها. فجعلهم: أصحاب المعلقات، وعددهم "10"، والشعراء الأمراء، وجمعهم في "14" رجلًا، والشعراء الفرسان، ومجموعهم "28"، والشعراء الحكماء، وحاصلهم "4"، والشعراء العشاق وعددهم "8"، والشعراء الصعاليك وهم "7"، والمغنون، وهم "1"، والنساء الشواعر، وعددهن "4"، والوصافون للخيل، وعددهم "4" والموالي، وعددهم "1"، وسائر الشعراء ومجموعهم "26"، ومجموع الجميع "121" شاعرا1.