خذ ما قاله "ابن قتيبة" مثلا عن "زهير بن جناب" سيد "كلب" وهو في نظره من الشعراء المعمرين، تراه يقول: "وهو جاهلي قديم. ولما قدمت الحبشة تريد هدم البيت خرج زهير فلقي ملكهم، فأكرمه ووجهه إلى ناحية العراق يدعوهم إلى الدخول في طاعته ... "1. ولو جاريناه وأخذنا بصحة الخبر المزعوم، نكون قد جعلناه حيًّا في النصف الثاني من القرن السادس للميلاد، فقدوم الحبشة تريد هدم البيت، كان في عام الفيل، أي سنة "570" أو "571" للميلاد، أي العام الذي ولد فيه الرسول، فهل يعد "زهير بن جناب" إذن "جاهلي قديم"؟ وقد أدرك على حد قول "ابن قتيبة" ميلاد الرسول؟ ثم خذ ما قاله عن "ابني خذاق"، تراه يقول: "وهما قديمان، كانا في زمن عمرو بن هند"2، ثم خذ ما قاله عن "سلامة بن جندل"، إذ قال عنه: "جاهلي قديم"، وجعل أيامه في عهد "عمرو بن هند"3، وقد عرفنا أيام حكم "عمرو بن هند".

ثم خذ ما قاله عن "عبيد بن الأبرص"، تراه يقول: "وكان عبيد شاعرًا جاهليًّا قديمًا من المعمرين، وشهد مقتل حجر أبي امرئ القيس"4، أو خذ ما ذكره عن "عمرو بن قميئة"، حيث يقول: "وهو قديم جاهلي، كان مع حجر أبي امرئ القيس"5، بل خذ ما ذكره عن "امرئ القيس بن حارثة بن الحمام بن معاوية" المعروف بـ "ابن حمام" أو "ابن حزام"، أو "ابن خذام"، الذي يقول عنه الشعراء إنه أول من بكى الديار عند العرب، وأنه عاش قبل امرئ القيس6، ترى أهل الأخبار يذكرون أنه كان معاصرا للشاعر "المهلهل"7، خال "امرئ القيس" الكندي. وإذا علمنا أن حكم ملوك كندة للحيرة، كان ما بين السنة "525" والسنة "528" للميلاد، وأن وفاة "الحارث" والد "حجر" والد "امرئ القيس" الشاعر الكندي، أي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015