ثلاثين بيتًا من الشعر. وزعم بعضهم أن "الأفوه الأودي" أقدم من المهلهل، وهو أول من قصد القصيد1. وإذا ذهبنا مذهب من يقول إن القصائد إنما ظهرت في أيام "عبد المطلب" أو "هاشم"، فيكون ذلك قبل الهجرة بمائة سنة على الأكثر1.
وزعمت بكر بن وائل أن أول من قال الشعر وقصد القصيد، هو "عمرو بن قميئة"، وكان في عصر "مهلهل بن ربيعة"، وعمر حتى جاوز التسعين. وكان "امرؤ القيس"، قد استصحبه لمّا شخص إلى قيصر، فمات في سفره ذلك3.
وذكر "ابن قتيبة" أن من قديم الشعر قول "دُويد بن نهد القضاعي":
اليوم يبنى لدويد بيته ... لو كان للدهر بلى أبليته
أو كان قرني واحدا كفيته ... يا رب نهب صالح حويته
وربّ عبل خشن لويته
وذكر من بعده اسم: "أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان"، ثم الحارث بن كعب4.
ولم يكن المذكورون أول من قصد القصيد، وتفنن في أبواب الشعر، وإنما هم أقدم من وصل اسمه إلى مسامع علماء الشعر، فصاروا من ثم أقدم شعراء الجاهلية. وقد نسب إلى "زهير بن أبي سلمى" قوله:
ما أرانا نقول إلا مُعارا ... أو معادًا من قولنا مكرورا
وإذا صح أن هذا البيت هو من شعره حقًّا، دلّ على اعتقاد الشاعر ومن كان في أيامه بقدم الشعر، وبتقدمه وبتطوره، وبتفنن الشعراء الذين عاشوا قبله، في طرق الشعر وذهابهم فيه كل مذهب، حتى صار من جاء بعدهم من الشعراء عالة عليهم فلا يقول إلا معارًا، أو معادًا من الشعر مكرورًا. وإلى هذا المعنى ذهب "عنترة" في قوله: