وللجن أشعار، ولها مع الإنس حوار. وللأعراب خاصة في الجن قصص وحكايات، وقد ذكر "الجاحظ" أن الأعراب يتزيدون في هذا الباب1. والحديث عن الجن من الأحاديث التي يميل لسماعها الناس لما فيها من غريب وطريف واختراع، مالوا إلى سماعها في الجاهلية وفي الإسلام، ونجد لأبي المطراد "المطراب" "عبيد بن أيوب العنبري"، وهو شاعر إسلامي، وكان لصًّا قد جنى جناية فنذر السلطان دمه وخلعه قومه، قصص وأشعار كثيرة عن الجن والوحوش، أخبر: "في شعره أنه يرافق الغول والسعلاة، ويبايت الذئاب والأفاعي، ويأكل مع الظباء"2. ونجد في كتاب "الحيوان" وفي كتب الأخبار والأدب والسير طرفًا من أشعار الجن والغيلان والسعالي، وطرفًا من أخبارهم وأحاديثهم مع الإنس.
ومن هذا القبيل ما نسب إلى "جذع بن سنان" من شعر زعم أنه جرى له من الجن، وهو:
أتوا ناري فقلت منون أنتم ... فقالوا الجن قلت عموا صباحًا
نزلت بشعب وادي الجن لما ... رأيت الليلَ قد نشرَ الجناحا
أتيتهم وللأقدارِ حتم ... تلاقي المرءَ صبحًا أو رواحا
وجذع شاعر جاهلي قديم، من غسان، وهو الذي ضرب به المثل بقولهم: خذ من جذع ما أعطاك. والشعر المذكور من أكاذيب العرب3.
وللأعشى إشارة إلى الجن، بقوله:
وسخر من جن الملائك سبعة ... قيامًا لديه يعملون بلا أجر4
وفي شعره مواضع أخرى تعرض فيها إلى ذكر الجن.
وقد تحدث المعري عن "شعر الجن"، تحدث عنهم في رسالة الغفران