فعلًا بجزيرة العرب من ناحية البر عن طريق "طور سيناء"، ثم إنها على الساحل المقابل للجزيرة، فلا بد أن يكون هناك اتصال بري وبحري قديم بين العرب والمصريين. ولا يستبعد احتمال عثور المنقبين في المستقبل على آثار قد تتحدث عن هذا الاتصال.
ويظهر من أقوال "هيرودوتس" و"بلينيوس" وغيرهما من "الكلاسيكيين"، أن الأقسام الشرقية من "مصر" ولا سيما المناطق المتصلة بـ"طور سيناء" كانت مأهولة بقبائل عربية, وقد ذكرت أسماء عدد منها في كتب هؤلاء1. ولم تستقر هذه القبائل في أيام هؤلاء "الكلاسيكيين"، بل سكنت قبلهم بأمد طويل كما يظهر ذلك من كتبهم. وقد أطلق "الكلاسيكيون" على البحر الأحمر اسم "الخليج العربي" "صلى الله عليه وسلمrabici Sinus" "Sinus صلى الله عليه وسلمrabicus"، وفي هذه التسمية معنى يشير إلى نفوذ العرب وهيمنتهم على هذا البحر2.
ومعارفنا بصلات العرب بالحكومات العراقية القديمة، مثل حكومة السومريين والأكديين "الأكديين"، لا تزيد على معارفنا المذكورة بصلات المصريين بالعرب، فهي حتى الآن قليلة ضئيلة، ولكن ضآلة ما لدينا من معلومات لا يمكن أن تكون سببًا في الحكم بعدم وجود صلات وثيقة بين سكان الخليج وسكان العراق ولا سيما القسم الجنوبي منه في أيام السومريين, بل وقبل أيامهم أيضًا، فالعراق هو امتداد طبيعي لتربة ساحل الخليج، وهو جزء طبيعي من جزيرة العرب. وهو من ثَمَّ لا يمكن أن يكون بمعزل عن أرض الساحل وعن بقية أرض جزيرة العرب.
وقد يكون لاسم أرض "دلمون"، وهي أرض السلامة والنظافة، والأرض التي لا تعرف الموت ولا الأمراض والأحزان، والتي لا ينعب فيها غراب، ولا ترفع الطيور أصواتها بعضها فوق بعض، والتي لا تفترس أسودها، ولا يأكل ذئب فيها حملًا، الجنة في الأسطورة السومرية، علاقة بـ"دلمون" التي هي جزيرة البحرين في لغة قدماء أهل العراق. وقد حول الخيال السومري، أو خيال من عاش قبلهم على تلك الأرض إلى أرض مسالمة مثالية لا قتال فيها ولا موت