ويظهر أن بني حنيفة بقوا على تعلقهم بمسيلمة، حتى بعد مقتله وذهاب أمره.
ففي خبر ينسب إلى "ابن مُعَيْز" السعدي أنه مر على مسجد بني حنيفة، فسمعهم يذكرون "مسيلمة"، ويزعمون أنه نبي، فأتى "ابن مسعود" فأخبره، فبعث إليهم الشرط، فجاءوا بهم فاستتابوا فخلي عنهم، وقدم "ابن النواحة" فضرب عنقه1. هذا، ويدل تعلق "بني حنيفة" وغيرهم من عرب اليمامة بمسيلمة، واستماتتهم في الدفاع عنهم، وتذكرهم له حتى بعد هلاكه، على أنه كان شخصية مؤثرة قوية، سحرت أتباعها، حتى انقادوا له هذا الانقياد. وقد نص "ابن حجر" على قتل "ابن مسعود" لابن النواحة، إلا أنه لم يذكر أن ذلك كان بسبب اعتقاده بنبوة "مسيلمة"، وإنما ذكر أنه "كان قد أسلم ثم ارتد فاستتابه عبد الله بن مسعود، فلم يتب فقتله على كفره وردّته"2. واسم "ابن النواحة" "عبادة بن الحارث" أحد بني عامر بن حنيفة3.
ويروى أن "الأخطل" الضبعي، قال في مسيلمة:
لهفًا عليك أبا ثمامة ... لهفًا على رُكْنَىْ شمامة
كم آية لك فيهمُ ... كالبرق يلمع في غمامة
وكان "الضبعي" شاعرًا، زعم أنه ادعى النبوة، وكان يقول: لمضر صدر النبوة، ولنا عجزها، وقد ضرب عنقه "عمر بن هبيرة"، ومن شعره لنا شطر هذا الأمر قسمة عادل
متى جعل الله الرسالة تُرتبا4
أي راتبة في واحد.
وسئل "الأحنف بن قيس" رأيه في مسيلمة، فقال: "ما هو بنبي صادق ولا بمتنبئ حاذق"5.