الأعراب المعربة، التي أخذوها من تتبعهم الشعر الجاهلي وكلام الأعراب1.
وقد لمس "كاله" هذا الموضوع كذلك، وتطرق إلى ما ورد في الرواية من أخبار تحث المسلم على وجوب مراعاة قواعد الإعراب عند قراءته القرآن.
فاستنتج منها أن كتاب الله لم يكن عند نزوله معربًا، فلما جعل الإعراب من سمات العربية، أعرب وفقًا لقواعده. وساق دليلًا على رأيه من آراء بهذا الموضوع للفراء "207هـ". وهو يرى أن علماء العربية استنبطوا قواعد الإعراب من الشعر ومن لغات الأعراب، ثم ضبطوا بها النص القرآني بموجبها، وبذلك سعوا لخدمة القرآن2.
وقد خالف "كابر" "R. Geyer" و"نولدكه" "Th. Noldeke" رأي "فولرس"، وذهبا إلى أن ما ذهب إليه من أن القرآن لم يكن معربًا، ثم أعرب، رأي لا يؤيده دليل، لا من حديث ولا من خبر أو لغة، وذهبا إلى احتمال حدوث اختلاف في القراءات، بسبب كون الحروف صامتة، فلما كان الرسول يتلو القرآن، وكان الصحابة يدونونه بحروف صامة، لا حركات فيها ولا علامات تميز الحروف المتشابهة بعضها من بعض، وقع اختلاف في التلفظ بسبب عدم وجود الحركات، ووقع اللحن من بعضهم في القراءة، ولكن القرآن معرب، وآية ذلك وجود آيات عديدة لا يمكن فهم معانيها إلا بقراءتها معربة3.
ففي القرآن آيات لا تترك مجالًا للشك في أنه نزل معربًا، ففي آية {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 4، وفي آية {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} 5، وآية {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} 6، وآية {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} 7، وغيرها، براهين واضحة تفيد أن موقع الكلم فيها كان معربًا، وأن هذا التركيب الذي تختلف معانيه باختلاف تحريك أواخر كلمه، لا بد وأن يكون كلامًا معربًا