فما ذكره علماء اللغة من تخريج في وجه تسمية العرب بهذا الاسم، من اشتقاق اللفظة من "عربة" التي قالوا: إنها باحة العرب، أو من "يعرب"، أو من أعراب لسانهم، أي: إيضاحه وبيانه، لأنه أوضح الألسنة وأعربها عن المراد بوجوه من الاختصار، أو بما شاكل ذلك، هو كله تخريج متكلف، يمثل تخبطهم فيه، كتخبطهم في تفسير الأسماء التي لم يعرفوا من أصلها شيئًا، فوضعوا لها تخريجات أوجدوها لإظهار علمهم بها، ووقوفهم عليها، وعلى كل شيء قديم1.
وفي العربية الحالية: الإعراب. وهو تغير أواخر الكلمات بتغير العوامل الداخلة عليها بالرفع والنصب والجر والسكون. احتفظت العربية به على حين فقدته معظم اللغات السامية، باستثناء البابلية القديمة2. ويظهر من القرآن ومن الشعر الجاهلي، أن الإعراب كان من سمة هذه اللغة التي نزل بها الوحي.
ويرى بعض المستشرقين أن الإعراب كان موجودًا في جميع اللغات السامية، ثم خف حتى زال من أكثر تلك اللغات. ونرى له أثرًا يدل عليه في العبرانية في حالتي المفعول به وفي ضمير التبعية، وفي السريانية والبابلية في ضمير التبعية، فإن هاتين الحالتين تدلان على وجود الإعراب في أصولها القديمة3.
ولعلماء العربية بحوث مستفيضة في "الإعراب"4، كما أن للمستشرقين بحوثًا فيه. وقد ذهب بعض منهم إلى أن بعض اللهجات العربية القديمة، مثل لهجة قريش لم تكن معربة، أو أنها لم تكن على هذا النحو من الإعراب الذي ثبته وضبطه علماء العربية في الإسلام، حتى ذهب "كار فولرس" إلى أن القرآن لم يكن معربًا في أول أمر نزوله، لأنه نزل بلسان قريش، وهو لسان غير معرب، وإنما أعرب حين وضع علماء اللغة والنحو قواعد العربية على وفق لغة.