للزبيري1. وهو من العلماء بنسب قريش ومن المتقدمين على "ابن أبي أصبيعة"2.
وفي رواية يرجع سندها إلى "الكلبي" و"مقاتل"، أن في حق "النضر ابن الحارث"، نزلت الآية {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيث} 3. فقد قيل: "إنه كان يخرج تاجرًا إلى فارس، فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشًا، ويقول لهم: إن محمدًا، عليه السلام، يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن"4. وقد نزلت في حقه ثماني آيات5، يفهم من تفسير علماء التفسير لها، أنه كان ذكيًّا لبقًا و"شيطانًا" من شياطين قريش، له علم بالشعر وبأخبار الأمم، يراجع أحبار اليهود وعلماء النصرانية، ليزيد بذلك علمًا على علمه، وكان يعتقد لذكائه وعلمه أنه أحق بالدعوة من النبي، وحسده وصار يعاكسه في كل مكان.
ووصف بأنه صاحب أحاديث ونظر في كتب الفرس. كان يحدث، ثم يقول: أينا أحسن حديثًا: أنا أم محمد؟ ويقول: إنما يأتيكم محمد بأساطير الأولين. وقيل: إنه كان يقول: إنما يعينه على ما يأتي به في كتابه هذا جبر، غلام الأسود بن المطلب، وعداس غلام شيبة بن ربيعة، ويقال: غلام عتبة ابن ربيعة، وغيرهما. فأنزل الله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} 6، وكذلك {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا، وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} 7، وروي أنه كان يحدث قومه أحاديث ملوك الفرس وأحاديث رستم واسفنديار8.
وعلى هذا، فلم يكن النضر، في عداد الأطباء، وإنما كان في عداد الواقفين