الأخبار شيئًا عن "كتب العرب"، هل أريد بها كتب دينية وضعت في العربية، أم قصد بها كتب في القصص والأمثال وفي الشعر والأخبار وما شابه ذلك، ولعلهم أرادوا بكتب الفرس، الكتب التي تبحث عن قصص ملوكهم. وقد ترجم قسم منها في الإسلام، وقصص الأساطير. وقد رأينا أنها كانت معروفة عند العرب وأن "النضر" كان يقص منها لأهل مكة، وكانوا يسمونها الأساطير.
ونجد في شعر الشعراء الآخرين أمثلة عديدة دخلت شعرهم، أخذوها من المثل السائر، ومن الحكم التي كانت شائعة في أيامهم، أو من القصص، أو من مبتكراتهم ومخترعاتهم، ولا تزال بعض الأمثال الشعرية حية ترزق، يضرب بها الناس المثل فيما يريدون التمثيل به.
ومن الموارد التي أمدّت الأدب الجاهلي بالمثل، الكهان، وكلام الكهان قصير مسجع يميل إلى الرمز والألغاز، يتجنب الصراحة، لتكون فيه قابلية التفسير والتأويل وإعطاء كثير من الاحتمالات، وذلك لما تقتضيه طبيعة الكهانة من تأويل التكهن حسب الأحوال والمناسبات. ونجد في كتب الأدب أمثلة عديدة منسوبة إلى هؤلاء الكهان. ولما كان كلامهم مسجوعًا، قيل له: "سجع الكهان". وقد جاء في الحديث النبوي: "هذا من سجع الكهان"1. وفي الكهان جماعة من الكاهنات، عرفن بالتكهن، مثل: الشعثاء الكاهنة، وطريفة، ويذكرون أنها هي التي أنذرت عمرو بن عامر أحد ملوك اليمن بزوال ملكه، وأخبرته بخراب سد مأرب2، وزبراء الكاهنة3، وسلمى الهمدانية الحميرية4، وعفيراء الكاهنة الحميرية5، وفاطمة بنت مر الخثعمية، وقد ذكروا أنها كانت قد قرأت الكتب6.
ومن الأمثلة الواردة في كتب الأدب: "إن العصا من العُصية"، وهو مثل ينسب إلى "الأفعى الجرهمي"، وهو من الكهّان. قاله لما احتكم إليه أولاد "نزار" بمدينة النجران7. و"الصيف ضيعت اللبن"، وأول من قاله "عمرو