وقد ورد ذكر صحف الدين هذه في كتاب الرسول إلى ثقيف، إذ جاء فيه: "وما كان لثقيف من دين في صحفهم اليوم الذي أسلموا عليه في الناس فإنه لهم"1.
وذكر أن الناس كانوا يكتبون بالمهارق قبل القراطيس في العراق. وقد ذكر "المهرق" في شعر حسان:
كم للمنازل من شهر وأحوال ... كما تقادم عهد المهرق البالي2
وكانوا يغسلون الصحف المكتوبة للاستفادة منها، بكتابة شيء جديد يراد كتابته عليها، وذلك لغلاء مادة الكتابة وصعوبة الحصول عليها، فيطمسون معالم الكتابة السابقة بغسلها بالماء مثلًا، فإذا جفت كتبوا عليها. وقد تسبب هذا الغسل إلى وقوع خسارة كبيرة بالنسبة لتدوين العلم، إذ غسل هذا الماء مادة علمية ثمينة كانت ستفيدنا كثيرًا بالطبع لو بقيت مدونة على الصحف. فخسرنا نحن خسارة ثمينة ولا شك لا تعوض.
واستعمل الجاهليون السبورة في الكتابة. ويريدون بها جريدة من الألواح من ساج أو غيره، يكتب عليها. فإذا استغنوا عنها محوها، وهي معربة. وقد رواها جماعة من أهل الحديث "ستورة". وبهذا المعنى وردت السفورة، وهي معربة كذلك3.
والمهارق من الألفاظ المعربة، ويرى علماء اللغة أنها من الفارسية، وأن أصلها "مهركُرده" "مهركرد"، أي: صُقلت بالخرز، وقد عرفها بعض علماء اللغة بأنها ثياب بيض أو حرير أبيض، تسقى بالصمغ وتصقل، ثم يكتب عليها. وقيل: هي الصحائف، الواحد مهرق. وذكر الجاحظ أن الكتب لا يقال لها: مهارق، حتى تكون كتب دين، أو كتب عهود، أو ميثاق وأمان4.