وأما الورق، فأريد به جلود رقاق يكتب فيها، ومنها ورق المصحف1.ويظهر أنهم أطلقوا اللفظة على القطع الرقيقة من الجلود أو من المواد الأخرى التي كانوا يكتبون عليها، تشبيهًا بورق الشجر. ولذلك فإنها لا تعني نوعًا معينًا من الورق. كما يجوز أن يكون المراد من الورق المستورد من بلاد الشأم أو من مصر، أو المصنوع من صقل الكتان ونسيج القطن وغير ذلك.

ولقلة وجود القصب الصالح لصنع الورق في جزيرة العرب، لا نستطيع أن نذهب إلى وجود صناعة ورق من هذه المادة في هذه البلاد، بل كانوا يستوردونه من مصر مصدر الورق المصنوع من القصب، والمعروف بـ"البابيروس".

والصحيفة المبسوط من الشيء، والتي يكتب فيها، والكتاب، وجمعها صحائف وصحف، ومنها {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} 2، و {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً، فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} 3. وقد أشير إلى الصحيفة في كتب السيرة حين اتفقت قريش على مقاطعة بني هاشم، وكتبت بذلك صحيفة، كتبها "بغيض بن عامر بن هاشم"، أو "منصور بن عبد شرحبيل" المعروف بأبي الروم على بعض الروايات4. والمصحف ما جعل جامعًا للصحف المكتوبة بين الدفتين. والتصحيف قراءة المصحف وروايته على غير ما هو لاشتباه حروفه5.

وقد قيل للقرآن، المصحف، وإنما سُمي المصحف مصحفًا؛ لأنه أصحف, أي: جُعل جامعًا للصحف المكتوبة بين الدفتين6. ونقرأ في الأخبار أن بعضًا من الصحابة والتابعين كانوا يملكون صحيفة أو صحفًا دوّنوا فيها حديث الرسول أو أمرًا من أمور الشعر وأخبار العرب وأمثال ذلك. فكان "عبد الله بن عمرو بن العاص" قد كتب حديث الرسول في صحيفة؛ وقد أذن الرسول له أن يكتب حديثه فيها7.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015