يكتب فيه، أو الصحيفة البيضاء1. وقد اشتهرت جملة مواضع في الحجاز وفي اليمن بترقيق الجلد ودباغته، ليصلح للعمل، وفي جملته الرق المستعمل في الكتابة. ويعرف الرق بـ"رقو" Raqo و"رق" Raq في الإرمية. وتؤدي اللفظة في هذه اللغة المعنى نفسه المفهوم منها في عربيتنا، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن اللفظة من أصل إرمي2. ومن أجود أنواع الرق، الرق المعمول من جلد الغزال. وذكر أن الصحابة أجمعوا على كتابة القرآن في الرق، لتيسره عندهم، ولطول بقاء الكتابة فيه3.
وقد كان الكتّاب يستعملون الرق في المراسلات وفي السجلات وفي الكتب الدينية. فقد استعمل الفرس جلود البقر المدبوغة لكتابة كتبهم الدينية عليها، واستعمل العبرانيون جلود الغنم والمعز والغزال لكتابة التوراة والتلمود عليها. وقد اشترطوا في الجلود أن تكون من جلود الحيوانات الطاهرة. استعملوها صحائف منفصلة، واستعملوها صفائح على هيئة الكتب، كما استعملوها مدورة ملفوفة قطعة واحدة يتصل كل رأس منها بقضيب، فتكون لفتين متصلتين، وذلك بربط قطع الجلود بعضها ببعض وتثبيتها لتكون صحيفة واحدة طويلة مستطيلة، يقال لها: "مجلوت" "م ج ل وت"، أي: المجلة، من أصل "جلل" بمعنى لف وأدار4.
وفي الشعر الجاهلي إشارات إلى استعمالهم "الرق" في كتاباتهم. وقد أشار بعضهم إلى سطور الرق، وكيف رقشها كاتبها ونمق الكتابة مسطرها. وكيف خط مملي الكتاب ما أريد إملاؤه في الرق. وقد عبر عن الخطاط الذي خط السطور على الرق بالمرقش وبالكاتب5. ومن أنواع الرق الجيد، الرق المصنوع بـ"خولان" والذي عرف بـ"الأديم الخولاني"6.