...
الفصل السادس عشر بعد المائة: الفن الجاهلي
العمارة:
لظهور الفن وازدهاره في مكان ما لا بد من توفر تربة خصبة فيه تمونه بالمواد الأولية اللازمة، ولا بد من وجود جو يساعد على نمو بذوره وإنمائها وازدهارها. وجزيرة العرب أرض كما نعلم غلب عليها الجفاف وتحكمت فيها أشعة الشمس المحرقة والسموم الحارة الجافة، وهي ذات جو مشرق صاف صاحٍ في الغالب، ولكنه جاف يابس، لا تبكيه السماء في الغالب إلا بمقدار، فإذا سالت دموعه، انهمرت انهمارًا وتحولت إلى سيول جارفة عارمة سرعان ما تختفي وتزول، بأن تغور في باطن الأرض، وقد تنزل الأمطار نزولًا لا بأس به، فتخضر الأرض وتنبت الأزهار والأعشاب، وتضحك ويضحك الناس معها، وتهيج قرائحهم لفرحهم وطربهم من حصولهم على هذه النعمة الكبرى، التي لا تدوم طويلًا، وهذا أمر يؤسف له، أو قد لا تعود إليهم ثانية إلا بعد أجل، لانحباس البخار مولد المطر، فيلجأ المخلوق إلى خالقه يتوسل إليه أن يغيثه بإنزال الغيث عليه بكل الوسائل التي يتوصل إليها عقله لإقناعه آلهته بإنزال المطر ليغيث الإنسان والحيوان والنبات.
ولظهور العمارة وفن النحت والزخرف، لا بد من وجود أحجار صالحة للبناء أو للنحت والحفر، حتى يكون في إمكان المعمار أو النحات تحويلها إلى أبنية أو